إدراكه سبحانه فيوجب ذلك كونه تعالى
محسوسا لأنّ إدراكاتها مقصورة على ذوات الأوضاع و الأجسام و الجسمانيات، و اللّه
سبحانه ليس بجسم و لا جسماني و لا ذي وضع و أيضا لا يمكن حضور الأنوار الحسيّة في
مشهد نور عقلي بل يضمحلّ و يفنى فكيف في مشهد نور الأنوار العقلية.
(و) الثاني و
الثلاثون انه (لا تلمسه الأيدي فتمسّه) ربما يستعمل اللّمس و المسّ بمعنى
واحد، و قد يفرق بينهما بأنّ المسّ ايصال الشيء بالبشرة على وجه تأثر الحاسّة به
و اللّمس كالطلب له قاله البيضاوي يعني اللّمس ينبىء عن اعتبار الطلب سواء كان
داخلا في مفهومه أو لازما له، و على الأوّل فالمراد به أنّ الأيدي لا يمكن لها
لمسه فيوجب ذلك كونه ملموسا ممسوسا، و على الثاني فالمراد أنها لا يمكن لها الطلب
به فتصل إليه لاستلزامه الجسميّة على التقديرين.
كما يدلّ
عليه صريحا ما رواه في البحار من عقايد الصّدوق باسناده عن عبد اللّه بن جوين
العبدي عن أبي عبد اللّه 7 انّه كان يقول: الحمد للّه الذي لا يحسّ و
لا يجسّ و لا يمسّ و لا يدرك بالحواسّ الخمس و لا يقع عليه الوهم و لا تصفه الألسن
و كلّ شيء حسّسته الحواسّ أو لمسته الأيدي فهو مخلوق، الحمد للّه الذي كان و لم
يكن شيء غيره و كوّن الأشياء فكانت كما كوّنها و علم ما كان و ما هو كائن.
و الثالث و
الثلاثون أنّه (لا يتغيّر بحال) من الأحوال و بوجه من الوجوه أى أبدا، لأنّ
التغيّر من عوارض الامكان.
(و) الرابع و
الثلاثون انّه (لا يتبدّل بالأحوال) أى لا ينتقل من حال إلى حال لما عرفت سابقا
من امتناع الحركة و الانتقال عليه.
(و) الخامس و
الثلاثون أنّه (لا تبليه اللّيالي و الأيام) لاستلزام الابلاء
للتغيّر المستحيل عليه، و لأنّ البلى إنما يعرض للأمور الماديّة و كلّ ذي مادّة
مركب فاستحال عروضه عليه سبحانه.
(و) السادس و
الثلاثون أنه (لا تغيّره الضياء و الظلام) لتنزّهه من التغيّر