و لا شيء من الواجب بعرض أو محلّ له
فامتنع أن يوصف به.
(و) الثاني و
العشرون أنّه (لا يحسب بعدّ) قال الشارح البحراني: أى لا يلحقه الحساب و العدّ فيدخل في
جملة المحسوبات بالمعدودة و ذلك إنّ العدّ من لواحق الكمّ المنفصل
الذي هو العدد كما هو معلوم في مظانه و الكمّ عرض، و قد ثبت أنه تعالى ليس بعرض و
لا محلّ له.
و قال
الشّارح المعتزلي: يحتمل أن يريد به أنّه لا تحسب أزليّته بعدّ أى لا يقال
له منذ وجد كذا و كذا كما يقال للأشياء المتقاربة العهد و يحتمل أن يريد به أنّه ليس
مماثلا للأشياء فيدخل تحت العدّ كما يعدّ الجواهر و
كما تعدّ الامور المحسوسة.
و قال
العلّامة المجلسي (ره): لا يحسب بالأجزاء و الصّفات الزائدة المعدودة.
أقول: و
الكلّ صحيح محتمل لا غبار عليه و إن كان الأوّل أشبه، فالمقصود به أنّه ليس من
جملة المعدودات كما ربما يسبق ذلك إلى الوهم إذا وصفناه سبحانه بأنه واحد فيتوهّم
منه أنّه واحد ليس له ثان و أنّ وحدته وحدة عدديّة، و اندفاع ذلك الوهم بأن معنى
كونه واحدا أنّه احدى الذات و أنّه ليس له مثل و نظير لا أنّه واحد بالعدد، لأنه لا يحسب
بعد فيكون مساقه مساق قوله 7 في الخطبة السابقة واحد لا
بعدد، هذا.
و لما نزّهه
تعالى عن كونه محدودا بحدّ و معدودا بعدّ أكّد ذلك
بقوله (و إنما تحدّ الأدوات أنفسها و تشير الالات إلى نظايرها) يعني أنّه
سبحانه لو رام أحد أن يحدّه أو يعدّه فلا بدّ أن يكون تحديده و عدّه بالالات البدنيّة و
القوى الجسمانيّة ظاهريّة كانت كالأصابع و اليد و اللّسان و غيرها، أو باطنية
كالمتوهّمة و المتفكرة و المتخيّلة، لكن شيئا منها لا يقدر على ذلك.
أمّا الجوارح
الظاهرة فلانحصار مدركاتها في عالم المحسوسات و الأجسام و الجسمانيات، فهي إنما
تدرك و تحدّ أنفسها أى أجناسها و أنواعها و تعدّ نظايرها أي ذوات المقادير و تشير
إلى ما هي مثل لها في الجسمية و الجسمانية، و صانع العالم