كيف لا و الموصوف به الحقّ الأوّل ربّ
العالمين، و ديّان الدّين، و خالق السّماوات و الأرضين، إله الخلق أجمعين.
و الواصف
جامع علوم الأوّلين و الاخرين، خليفة اللّه في الأرضين، معلم الملائكة و
النّبيّين، أمير المؤمنين الذي بحار علومه و ماثره لا ينال قعرها بغوص الأفهام و
جبال فضايله و مفاخره لا يرتقى قلالها بطير العقول و الأوهام.
و تالي هذه
الخطبة الشريفة خطبة أخرى لأبي الحسن الرّضا 7 يأتي إنشاء اللّه ذكرها
في شرح المختار المأة و الثامن[1] و هي أيضا
تجمع من اصول علم التوحيد ما لا يحصى كما يعرفه الناقد البصير ذو الفهم الثاقب.
اذا عرفت ذلك
فأقول: إنّه 7 قد وصف اللّه الملك العلّام في هذه الخطبة بأوصاف سلبيّة
و اضافيّة.
أولها قوله
7: (ما وحّده من كيّفه) أى من جعله مكيفا و وصفه سبحانه بالكيف فلم
يجعله واحدا و لم يقل بوحدانيّته، لكنّه تعالى واحد و توحيده واجب لقيام الأدلة
العقليّة و النقليّة عليه حسبما مرّ في تضاعيف المتن و الشرح غير مرّة فتكييفه
مطلقا باطل.
و إنّما كان
التكييف منافيا للتوحيد لأنّ الكيف بأقسامها الأربعة أعنى الكيفيات المحسوسة راسخة
كانت كصفرة الذّهب و حلاوة العسل و تسمى انفعاليات أو غير راسخة كحمرة الخجل و
صفرة الوجل و تسمّى انفعالات، و الكيفيّات الاستعداديّة سواء كانت استعدادا نحو
الانفعال أى التهيؤ لقبول أثرها بسهولة أو سرعة كالمراضيّة و اللين، أو استعدادا
نحو اللّا انفعال أى التهيؤ للمقاومة و بطوء الانفعال كالمصحاحيّة و الصّلابة، و
الكيفيات النفسانيّة المختصّة بذوات الأنفس الحيوانيّة راسخة كانت و تسمّى ملكة
كالعلم و الشجاعة و العدالة، أو غير راسخة و تسمّى حالا كغضب الحليم و مرض الصّحاح،
و الكيفيات المختصّة بالكميّات متّصلة كانت كالاستقامة و الانحناء و الشكل و
الخلقة، أو منفصلة كالزوجيّة و الفرديّة.
فهو بهذه
الأقسام الثابتة له بالحصر العقلي أو الاستقرائي من أقسام العرض
[1]- كذا في الاصل و لعلّه المختار المأتين و الثامن« م».