(و لكن اللّه)
عزّ و جلّ لم يبنه بهذا الوصف، و إنما بناه بالأحجار الغير النفيسة اختبارا و امتحانا
و تمحيصا و ابتلاء فانّه (يختبر عباده بأنواع
الشدائد) و المشاق كتروك الاحرام و المناسك العظام (و يتعبّدهم بألوان المجاهد) من
مجاهدة النفس و مجاهدة إبليس التي عرفت (و يبتليهم بضروب
المكاره) التي تكرهها الطباع و ترغب عنها النفوس (اخراجا للتكبّر) المبعد من اللّه سبحانه (عن قلوبهم و اسكانا للتذلّل) و
التواضع المقرّب إليه تعالى (في نفوسهم و ليجعل ذلك) الاستعداد الحاصل لهم من الاختبار و الابتلاء
(أبوابا فتحا) مفتوحة
(الى فضله) و احسانه
(و أسبابا ذللا) سهلة (لعفوه) و غفرانه.
تكملة
هذا الفصل من
الخطبة رواه ثقة الاسلام الكليني «قده» باختلاف لما أورده السيّد ; هنا فأحببت
ايراده بروايته مع بيان غريب موارد الاختلاف فأقول:
قال في
الكافي و روى انّ أمير المؤمنين 7 قال في خطبة له:
و لو أراد
اللّه جلّ ثناؤه بأنبيائه حيث بعثهم أن يفتح لهم كنوز الذهبان و معادن البلدان و
مغارس الجنان و أن يحشر طير السّماء و وحش الأرض معهم لفعل، و لو فعل لسقط البلاء
و بطل الجزاء و اضمحلّ الابتلاء، و لما وجب للقائلين أجور المبتلين و لا لحق
المؤمنين ثواب المحسنين، و لا لزمت الأسماء أهاليها على معنى مبين و لذلك لو أنزل
اللّه من السماء آية فظلّت «لظلّت خ ل» أعناقهم لها خاضعين، و لو فعل لسقط البلوى
عن الناس أجمعين.
و لكن اللّه
جلّ ثناؤه جعل رسله أولي قوّة في عزائم نيّاتهم، و ضعفة فيما ترى الأعين من
حالاتهم من قناعة تملا القلوب و العيون غناه، و خصاصة يملا الأسماع و الأبصار
اذاه.
و لو كانت
الأنبياء أهل قوّة لا ترام، و عزّة لا تضام، و ملك يمدّ نحوه أعناق الرّجال و يشدّ
إليه عقد الرّحال لكان أهون على الخلق في الاختبار، و أبعد لهم في «من خ»