روى في مجمع البيان عن أبي عبد اللّه
7 قال: من أتى هذا البيت يريد شيئا للدّنيا و الاخرة أصابه.
و قال ابن
عبّاس: معناه جعل اللّه الكعبة امنا للنّاس بها يقومون أى يؤمنون، و لولاها لفنوا
و هلكوا و ما قاموا، و كان أهل الجاهليّة يأمنون به فلو لقي الرّجل قاتل أبيه أو
ابنه في الحرم ما قتله، و قيل: معني قوله: قياما للناس، انهم لو تركوا عاما
واحدا لا يحجّونه ما نوظروا ان يهلكوا.
و رواه علىّ
بن إبراهيم عنهم : قال ما دامت الكعبة يحجّ الناس إليها لم يهلكوا
فاذا هدمت و تركوا الحجّ هلكوا.
(ثمّ وضعه) أى البيت (بأوعر
بقاع الأرض حجرا) أى أصعب قطعها و أغلظها من حيث الحجر (و أقلّ نتائق
الدّنيا مدرا) أى أقلّ بلدانها و مدنها من حيث التراب و المدر، و بذلك لم يكن
صلاحية الزرع و الحرث كما قال إبراهيم رَبَّنا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ
ذُرِّيَّتِي بِوادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ:
(و أضيق
بطون الأودية قطرا) من حيث الناحية و الجانب (بين جبال خشنة) غليظة (و رمال
دمثة) لينة، و الوصف بها إشارة إلى بعدها من الانبات لأنّ الرّمل كلّما
كان ألين و أسهل كان أبعد من أن ينبت و لا يزكو به الدّواب أيضا لأنّها تتعب في
المشي به.
(و عيون
وشلة) قليلة الماء (و قرى منقطعة) بعضها عن بعض (لا يزكو
بها خفّ و لا حافر و لا ظلف) أى لا يزيد و لا ينمو بتلك الأرض ذوات الخفّ
كالابل و الحافر كالخيل و البغال و الظلف كالبقر و الغنم، و عدم نمائها بها لما
عرفت من قلّة مائها و نباتها و خشونة جبالها و سهولة رمالها و خلوّها من المرتع و
المرعى.
(ثمّ أمر
آدم 7 و ولده أن يثنوا أعطافهم نحوه) أى يعطفوا و يميلوا
جوانبهم معرضين عن كلّ شيء متوجّهين إليه قاصدين العكوف لديه، و قد مضى في شرح
الفصل الثامن عشر من الخطبة الاولى عن أبي جعفر 7 انّ آدم 7
أتى هذا البيت ألف آتية على قدميه منها سبعمائة حجّة و ثلاثمأة عمرة، و مضى هناك
حجّ ساير الأنبياء