السّماء، و وحوش الارض لفعل، و لو فعل
لسقط البلاء، و بطل الجزاء و اضمحلّت الأنباء، و لما وجب للقابلين أجور المبتلين،
و لا استحقّ المؤمنون ثواب المحسنين، و لا لزمت الأسماء معانيها، و لكنّ اللّه
سبحانه جعل رسله أولي قوّة في عزائمهم، و ضعفة فيما ترى الأعين من حالاتهم، مع
قناعة تملا العيون و القلوب غنى، و خصاصة تملا الأبصار و الأسماع أذى. و لو كانت الأنبياء
أهل قوّة لا ترام، و عزّة لا تضام، و ملك تمتدّ نحوه أعناق الرّجال، و تشدّ إليه
عقد الرّحال، لكان ذلك أهون على الخلق في الإعتبار، و أبعد لهم في الاستكبار، و
لامنوا عن رهبة قاهرة لهم، أو رغبة مائلة بهم، فكانت النّيات مشتركة، و الحسنات
مقتسمة. و لكنّ اللّه سبحانه أراد أن يكون الإتّباع لرسله، و التّصديق بكتبه، و
الخشوع لوجهه، و الاستكانة لأمره، و الإستسلام لطاعته، أمورا له خاصّة لا يشوبها
من غيرها شائبة، و كلّما كانت البلوى و الاختبار أعظم، كانت المثوبة و الجزاء
أجزل.
أ لا ترون
أنّ اللّه سبحانه اختبر الأوّلين من لدن آدم صلوات اللّه