عن حسبهم، و ترفّعوا فوق نسبهم، و
ألقوا الهجينة على ربّهم، و جاحدوا اللّه ما صنع بهم، مكابرة لقضائه، و مغالبة
لالائه، فإنّهم قواعد أساس العصبيّة، و دعائم أركان الفتنة، و سيوف اعتزاء
الجاهليّة. فاتّقوا اللّه و لا تكونوا لنعمه عليكم أضدادا، و لا لفضله عندكم
حسّادا، و لا تطيعوا الأدعياء الّذين شربتم بصفوكم كدرهم، و خلطتم بصحّتكم مرضهم،
و أدخلتم في حقّكم باطلهم، فهم أساس الفسوق، و أحلاس العقوق، اتّخذهم إبليس مطايا
ضلال، و جندا بهم يصول على النّاس، و تراجمة ينطق على ألسنتهم استراقا لعقولكم، و
دخولا في عيونكم، و نفثا في أسماعكم، فجعلكم مرمى نبله، و موطىء قدمه و مأخذ يده.
فاعتبروا بما أصاب الامم المستكبرين من قبلكم من بأس اللّه و صولاته و وقايعه و
مثلاته، و اتّعظوا بمثاوي خدودهم، و مصارع جنوبهم، و استعيذوا باللّه من لواقح
الكبر، كما تستعيذون به من طوارق الدّهر. فلو رخّص اللّه في الكبر لأحد من عباده
لرخّص فيه لخاصّة أنبيائه و أوليائه، و لكنّه (لكنّ اللّه خ) سبحانه كره إليهم
التّكابر، و رضي لهم التّواضع، فألصقوا بالأرض خدودهم، و عفّروا في التّراب