و للاشارة إلى هذه النكتة أتى بلفظ القهر
و استعار لفظ الخزائم للمعاصي و السيّئات و شهوات النفس الأمّارة المؤدّية إلى
النّار، و المراد أنّ إبليس و جنوده زيّنوا الشهوات و السيّئات في نظرهم فرغبوا
فيها و ركبوها فكان ذلك سببا لتقحمهم في النار و سخط الجبار.
(فأصبح
أعظم في دينكم جرحا و أورى في دنياكم قدحا) أى صار أكثر إخراجا للنار من حيث
إخراجه لها أو من حيث الطعن في دنياكم و الثاني أظهر.
أما جرحه في
الدّنيا «في الدين ظ فمعلوم لأنّ جميع الصّدمات و المضارّ الدينية من الجرائم و
الاثام من إغواء هذا الملعون.
و أمّا
الايراء و قدحه في الدّنيا فلا لها به نار الفتنة و الفساد و نايرة الحسد و البغضاء
و العناد بين الناس الموجب للقتل و القتال و تلف الأنفس و الأموال و نحوها فجميع
المضارّ الدينية و أغلب المضار الدنيويّة عند أهل النظر و الاعتبار من ثمرات هذه
الشجرة الملعونة.
فلذلك كان
جرحه و قدحه أعظم و أشدّ (من الذين أصبحتم لهم مناصبين و عليهم متألّبين) أى من
أعدائكم الذين نصبتم لهم العداوة و بالغتم فى عداوتهم، و تجمّعتم أى اجتمعتم من
ههنا و ههنا على قتلهم و قتالهم و استيصالهم دفعا لشرّهم عنكم.
و لما نبّه
7 على أنّه عدّو مبين و أعظم المعاندين و أنّ ضرره عايد إلى الدّنيا و
الدّين أمرهم بصرف عزيمتهم و همّتهم إلى عداوته فقال:
(فاجعلوا
عليه حدّكم) أى حدّتكم و سورتكم و بأسكم و سطوتكم (و له جدّكم) أى سبلكم و
جهدكم، ثمّ أقسم بالقسم البار تهييجا و إلهابا و تثبيتا لهم على العداوة له فقال:
(فلعمر
اللّه لقد فخر على أصلكم) أى على أبيكم آدم خيث امتنع من السجود له و
قال خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَ خَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ^ (و وقع فى
حسبكم و دفع في نسبكم) أى عاب حسبكم و حقّر نسبكم و هو الطين
حيث قال أَ أَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِيناً قالَ أَ رَأَيْتَكَ هذَا
الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ
لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا