(و الجامحة الحرون) أى مثل الدّابة السيّئة الخلق التي لا تنقاد لراكبها البالغة في عدم
الانقياد غايته، و التشبيه هنا مثل التشبيه في الفقرة السابقة، و وجه الشبه أنّ
الدابة الموصوفة كما لا تنقاد لصاحبها و لا يتمكّن من حملها و ركوبها مهما اريد،
فكذلك الدّنيا لا يتمكّن أهلها من تصريفها و تقليبها و الانتفاع بها في مقام
الضرورة و الحاجة.
(و المائنة
الخئون) أى الكاذبة كثيرة الخيانة حيث إنها تخدع الناس بزينتها و تغرّهم
بحليّها و توقع في وهمهم و خيالهم لقيائها لهم، فعما قليل ينكشف كذبها و تتبيّن
خيانتها إذا زالت عنهم.
(و الجحود
الكنود) أى كثيرة الانكار و الكفران كالمرأة التي تكفر نعمة زوجها و تنكر
معروفه و احسانه، و يكون من شأنها الغدر و المكر، و كذلك الدّنيا تنفر عمن رغب
فيها و سمى إليها و اجتهد في عمارتها و تكون سبب هلاكه ثمّ تنتقل عنه إلى غيره.
تشبيه (و العنود
الصدود) لما كان من شأن الدّنيا الانحراف و الميل عن القصد و العدول عن سنن
قصود الطالبين الراغبين منها، شبّهها بالعنود الصدود، و هى الناقة
العادلة عن مرعى الابل و الراعية في جانب منه و وصفها بالصدود لكثرة اعراضها.
(و الحيود
الميود) أى كثيرة الميل و التغيّر و الاضطراب (حالها انتقال) أى شأنها و
شيمتها انتقال من حال إلى حال و انقلاب من شخص إلى شخص (و وطأتها
زلزال) أى موضع قدمها متحرّك غير ثابت (و عزّها ذلّ) أى العزّ
الحاصل لأهل الدّنيا بسبب الثروة و الغنى فهو ذلّ في الحقيقة، لأنّ ما تعزّز به من
المال إن كان من حلال ففيه حساب و إن كان من حرام ففيه عقاب، فعزّتها موجب لانحطاط
الدرجة عند اللّه سبحانه، و لذلك قال سيّد الساجدين 7 في بعض أدعية
الصحيفة: فانّ الشريف من شرّفته طاعتك، و العزيز من أعزّته عبادتك.
استعاره (و جدّها
هزل) قال الشارح البحراني: استعار لفظ الجدّ و هو القيام
في الأمر