و قرّره الشارح البحرانى بتقرير أوضح و
هو أنّ هذه الأجسام كلّها مشتركة في الجسميّة و اختصاص كلّ منها بما يميّز به من
الصّفات المتعدّدة ليست للجسميّة و لوازمها، و إلّا وجب لكلّ منها ما وجب للاخر،
ضرورة اشتراكها في علّة الاختصاص فلا مميّز له هذا خلف، و لا لشيء من عوارض
الجسمية لأنّ الكلام في اختصاص كلّ منها بذلك العارض كالكلام في الأوّل و يلزم
التسلسل، فيبقى أن يكون لأمر خارج عنها هو الفاعل الحكيم المخصص لكل منها بحدّ من
الحكمة و المصلحة.
قال
الطبرسيّ: أى من دلالاته على وحدانيّته و كمال قدرته خَلْقُ
السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ و ما فيهما من عجايب خلقه و بدايع صنعه مثل
ما في السّموات من النجوم و الشمس و القمر و جريها في مجاريها على غاية الاتّساق و
النظام، و ما في الأرض من الجماد و النبات و الحيوان المخلوقة على وجه الاحكام.
وَ
اخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ الألسنة جمع لسان و اختلافها هو أن ينشأها
اللّه مختلفة في الشّكل و الهيئة و التركيب فيختلف نغماتها و أصواتها حتّى أنّه لا
يشتبه صوتان من نفسين هما اخوان، و قيل: إنّ اختلاف الألسنة هو اختلاف اللغات من
العربيّة و العجميّة و غيرهما، و لا شيء من الحيوانات يتفاوت لغاتها كتفاوت لغات
الانسان فان كانت اللّغات توقيفيّا من قبل اللّه فهو الذي فعلها، و إن كانت مواضعة
من قبل العباد فهو الذي يسرها.
وَ
أَلْوانِكُمْ أى و اختلاف ألوانكم من البياض و الحمرة و الصّفرة و السّمرة و
غيرها فلا يشبه أحد أحدا مع التشاكل في الخلقة، و ما ذلك إلّا للتراكيب البديعة و
اللّطائف العجيبة الدالّة على كمال قدرته و حكمته حتى لا يشتبه اثنان من النّاس و
لا يلتبسان مع كثرتهم.