و اما علم
الهدى فقد بالغ في إنكار تسبيح الحيوان، و شدّد النكير على من ادّعاه و أطال
الكلام في تأويل الايات و الأخبار بما يشمئزّ منه الطباع و يأبي عنه الذّوق السليم
و الطبع المستقيم، و صرفها عن ظواهرها بغير دليل.
و عمدة جهة
مصيره إلى الخلاف هو عدم عمله بأخبار الاحاد، و قد أقام علماؤنا الاصوليّون أدلّة
معتبرة من الكتاب و السنّة و الاجماع و العقل على حجيّتها، و بعد ثبوت الحجيّة
فالأخبار الّتي يثبت المدعى و تبطل قول المرتضى فوق حدّ الاحصاء هذا تمام الكلام
في التسبيح القالي للحيوان.
و اما في
الجماد و النّبات و السّماء و الأرض و غيرها مما ليس لها حركات إرادية فالظاهر من
أخبار الأئمة الأطهار : ثبوته أيضا.
فقد روى في الصّافي
من الكافي عن الصادق 7 تنقض الجدر تسبيحها.
و عن الباقر
7 أنّه سئل أ تسبّح الشجر اليابسة؟ فقال: نعم أما سمعت خشب البيت كيف
ينقض فذلك تسبيحه فسبحان اللّه على كلّ حال.
و في البحار
من العيون عن الرضا عن آبائه عن الحسين بن علىّ و محمّد بن الحنفيّة عن أمير
المؤمنين صلوات اللّه عليهم أجمعين قال: سمعت رسول اللّه 6 يقول: تختّموا بالعقيق فانّه أوّل جبل أقرّ للّه بالوحدانيّة ولي بالنّبوة و
لك يا على بالوصيّة.
و الأخبار في
هذا المعني كثيرة لا حاجة إلى الاطالة بروايتها.
و قد خالفنا
فيه الرازى أيضا فانّه قال من لا يكون حيّا مثل الجمادات فهي إنّما تسبّح اللّه
بالطريق الثاني، لأنّ التسبيح بالطريق الأوّل لا يحصل الّا مع الفهم و العلم و
الادراك و كلّ ذلك في حقّ الجماد محال فلم يبق حصول التسبيح في حقّه إلّا بالطريق
الثاني ثمّ قال:
و اعلم أنا
لو جوّزنا في الجماد أن يكون عالما متكلّما لعجزنا عن الاستدلال بكونه تعالى عالما
قادرا على كونه حيّا و حينئذ ينسدّ علينا باب العلم بكونه حيّا و ذلك كفر، فانّه
يقال إذا جاز في الجمادات أن تكون عالمة بذات اللّه تعالى و صفاته