ينزلون من ذروة القصور في وهدة القبور، و
يستبدلون بظهر الأرض بطنا، و بالسعة ضيقا، و بالأهل غربة، و بالأمن خوفا، و بالانس
وحشة، و بالنور ظلمة، و صارت الأجساد شحبة بعد بضّتها و العظام نخرة بعد قوّتها،
ليس لهم من عقوبات البرزخ فترة مريحة، و لا رعدة مزيحة، و لا قوّة حاجزة، و لا
موتة ناجزة، بين أطوار الموتات، و عقوبات الساعات.
(فاللّه
اللّه عباد اللّه فانّ الدّنيا ماضية بكم على سنن) أي على طريقة واحدة
سبيل من مضى قبلكم من السّلف الماضين و العشيرة و الأقربين فكما طحنتهم المنون و
توالت عليهم السّنون فأنتم مثلهم صائرون، و على أثرهم سائرون.
فكن عالما أن سوف تدرك من مضى
و لو عصمتك الراسيات الشواهق
(و أنتم و الساعة فى قرن) تهويل
بالقيامة و قربها القريب كأنها و إياهم مشدودة بحبل واحد ليس بينهما فصل مزيد و لا
أمد بعيد.
و أكدّ زيادة
قربها بقوله تشبيه (و كأنّها قد جاءت بأشراطها) و وجه التأكيد
الاتيان بلفظة كأنّ المفيدة لتشبيهها فى سرعة مجيئها بالّتى جاءت، و الاتيان بلفظة
قد المفيدة للتحقيق، و بماضويّة الجملة.
و قد اشير
إلى قربها في غير واحدة من الايات القرآنيّة.
قال سبحانه
في سورة بني اسرائيل وَ يَقُولُونَ مَتى هُوَ قُلْ عَسى أَنْ يَكُونَ
قَرِيباً يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ وَ تَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ
إِلَّا قَلِيلًا و في سورة الأحزاب يَسْئَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ قُلْ
إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ اللَّهِ وَ ما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ
قَرِيباً و فى سورة النبأ إِنَّا أَنْذَرْناكُمْ عَذاباً قَرِيباً
يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ ما قَدَّمَتْ يَداهُ وَ يَقُولُ الْكافِرُ يا لَيْتَنِي
كُنْتُ تُراباً و في سورة المعارج تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَ الرُّوحُ
إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ فَاصْبِرْ صَبْراً
جَمِيلًا إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً وَ نَراهُ قَرِيباً و في سورة محمّد
6 فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ
تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جاءَ أَشْراطُها أى علاماتها و
اماراتها الّتي تدلّ على قربها.
روى في
الصافى من العلل عن النّبي 6 في أجوبة مسائل عبد اللّه
بن سلام