و بولاية أمير المؤمنين و الطيّبين من
ذرّيته : و البراءة من أعدائهم.
و قد اختلف
كلام الشراح في شرح هذه الخطبة و قصرت أفهامهم عن ادراك ما فيها من كنوز الدقايق و
رموز الحقائق، و تفرّقوا في شرحها أيادى سبا و أيدى سبا و وقعوا في طخية
عمياء شوهاء كما هو غير خفىّ على من راجع إلى الشروح.
و ذلك لقصور
باعهم عن الاحاطة بأقطار الأخبار و أطراف الاثار المأثورة عن العترة الأطهار،
فهيهات التنبّه للرّمزة الدّقيقة الشأن و اللّمحة الخفيّة المكان ممن قلّ انسه
بروايات أولياء الدّين و كلمات الأئمة المعصومين سلام اللّه عليهم أجمعين إذا عرفت
هذا فأقول مستمدّا من اللّه سبحانه و منه التوفيق و الاعانة:
إنّ عمدة نظر
أمير المؤمنين و سيّد الوصيّين سلام اللّه عليه و آله في هذه الخطبة الشريفة إلى
تقسيم الايمان باعتبار ما تضمّنه من الاذعان بالولاية، لا باعتبار ما تضمّنه من
الاذعان باللّه سبحانه أو بالرّسول 6 فقسّمه بالاعتبار
الّذي ذكرنا على قسمين و قال:
تشبيه-
استعاره مرشحة (فمن الايمان ما يكون ثابتا مستقرّا في القلوب و منه ما يكون
عوارى بين القلوب و الصّدور إلى أجل معلوم) يعني أنّ الايمان أى التّصديق
بوجود الصّانع سبحانه و ما له من صفات الجلال و نعوت الكمال و الاذعان برسالة رسول
اللّه 6 و ما جاء به من عند اللّه و الاعتقاد بولاية
الأئمة الهداة قسمان:
قسم منه يكون
ثابتا مستقرّا في القلوب راسخا في النّفوس و هو الايمان الحقيقي
البالغ إلى مرتبة اليقين و حدّ الملكة، لا يحرّكه العواصف و لا يزيله القواصف
لكونه مستندا إلى الدليل القطعي و البرهان القاطع، و إليه الاشارة بقوله سبحانه:
يُثَبِّتُ
اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ فِي
الْآخِرَةِ أى بالقول الّذي ثبت عندهم بالحجّة و البرهان و تمكّن في قلوبهم و
اطمأنّت إليه أنفسهم، فلا يزلون في الدّنيا إذا افتتنوا في دينهم و لا يلتئمون في الاخرة
إذا سئلوا عن معتقدهم.
و قسم آخر
يكون غير راسخ فيها و لا بالغ إلى حدّ الملكة، لعدم استناده إلى