فأقول: ذهبت
الطايفة المحقّة الامامية و المعتزلة من العامة إلى أنّ أفعاله سبحانه معلّلة
بالأغراض و المصالح و الحكم و المنافع، و خالفهم الأشاعرة.
قال العلامة
الحلّى قدّس اللّه روحه في كتاب نهج الحقّ: قالت الامامية:
إنّ اللّه
إنما يفعل لغرض و حكمة و فائدة و مصلحة يرجع إلى المكلّفين و نفع يصل إليهم، و
قالت الأشاعرة: إنّه لا يجوز أن يفعل شيئا لغرض و لا لمصلحة ترجع إلى العباد و لا
لغاية من الغايات، و لزمهم من ذلك كون اللّه تعالى لاعبا عابثا في فعله فانّ
العابث ليس إلّا الّذي يفعل لا لغرض و حكمة بل محابا و اللّه تعالى يقول وَ ما
خَلَقْنَا السَّماءَ وَ الْأَرْضَ وَ ما بَيْنَهُما لاعِبِينَ و الفعل
الّذى لا غرض للفاعل فيه باطل و لعب، تعالى عن ذلك علوّا كبيرا.
و قال في
موضع آخر من الكتاب المذكور: قالت الاماميّة: إنّ اللّه لم يفعل شيئا عبثا بل إنما
يفعل لغرض و مصلحة و إنما يمرض لمصالح العباد و يعرض المولم بحيث ينتفي العبث و
الظلم، و قالت الأشاعرة: لا يجوز أن يفعل شيئا لغرض من الأغراض و لا لمصلحة و يولم
العبد بغير مصلحة و لا غرض بل يجوز أن يخلق خلقا في النّار مخلّدين فيها أبدا من
غير أن يكون قد عصوا أوّلا، انتهى كلامه رفع مقامه.
و قال الشارح
المعتزلي: أوجد اللّه تعالى الأشياء أولا للاحسان إلى البشر و ليعرّفوه، فأنّه لو
لم يوجدهم لبقي مجهولا لا يعرف، ثمّ كلّف البشر ليعرضهم للمنزلة الجليلة التي لا
يمكن وصولهم إليها إلّا بالتكليف و هي الثواب، ثمّ يفنيهم لأنّه لا بدّ من انقطاع
التكليف ليخلص الثواب من مشاق التكاليف، ثمّ إنه يبعثهم و يعيدهم ليوصل إلى كلّ
إنسان ما يستحقه من ثواب أو عقاب، و لا يمكن ايصال هذا المستحق إلّا بالاعادة
انتهى.
و قال الأوّل
أيضا في محكى كلامه من كتاب نهاية الفصول: إنّ النصوص دالّة على أنه تعالى شرع
الأحكام لمصالح العباد ثمّ إنّ الاماميّة و المعتزلة صرّحوا بذلك و كشفوا الغطاء
حتّى قالوا إنّه تعالى يقبح منه فعل القبيح و العبث بل يجب أن