الستون أنّه
(لا يعجزه شيء منها طلبه) لتمام سلطانه و قدرته و
افتقار جميع من سواه إليه في وجوده و بقائه و تقلّباته فكيف يتصوّر أن يعجز من هو
محتاج في ذاته و صفاته و حركاته و سكناته و جميع حالاته إليه قال عزّ من قائل: «وَ ما كانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّماواتِ وَ
لا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كانَ عَلِيماً قَدِيراً» (و) الواحد و الستون
(لا يمتنع عليه شيء فيغلبه) لما قلناه من تمام سلطانه و
كمال قدرته و افتقار كلّ إليه، فلا رادّ لقضائه و لا دافع لحكمه كما قال في كتابه
العزيز: إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا
النَّاسُ وَ يَأْتِ بِآخَرِينَ وَ كانَ اللَّهُ عَلى ذلِكَ قَدِيراً و في آية أخرى وَ كانَ اللَّهُ عَلى
كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِراً.
(و) الثاني و
الستون أنّه (لا يفوته السريع منها فيسبقه) أى لا يفوته
سريع السير و الحركة من الأشياء فيسبقه بقوّة حركته،
لاستلزام ذلك نقصا في قدرته و عجزا في ذاته و لاستواء نسبة الأمكنة و المكانيّات و
الأزمنة و الزمانيّات إليه سبحانه قال تعالى: كَلَّا إِنَّا
خَلَقْناهُمْ مِمَّا يَعْلَمُونَ فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشارِقِ وَ
الْمَغارِبِ إِنَّا لَقادِرُونَ عَلى أَنْ نُبَدِّلَ خَيْراً مِنْهُمْ وَ ما نَحْنُ
بِمَسْبُوقِينَ.
قال
الطبرسيّ: يعني أنا نقدر على أن نهلكهم و نأتي بدلهم بقوم آخرين خيرا منهم و أنّ
هؤلاء الكفار لا يقوون بأن يتقدّموا على وجه يمنع من لحاق العذاب بهم فانهم لم
يكونوا سابقين و لا العقاب مسبوقا منهم، و التقدير و ما نحن بمسبوقين لفوت عقابنا
إيّاهم فانهم لو سبقوا عقابنا لسبقونا.
(و) الثالث و
الستون أنّه (لا يحتاج إلى ذى مال فيرزقه) لأنّه الغنيّ المطلق
و ما سواه مفتقر إليه فكيف يفتقر إلى ما هو محتاج إليه، و المقصود بذلك و بما سبق
كلّه تنزيهه من الصّفات البشريّة.
و الرابع و
الستون أنّه (خضعت الأشياء) كلّها (له و ذلّت مستكينة) خاضعة مهانة (لعظمته) لكونها
جميعا أسيرة في قيد الامكان مقهورة في سلسلة الحدوث و الافتقار و النقصان.
فحيث كانت
بهذه المثابة من الذّلّ و الانقهار ف (لا تستطيع الهرب) و الفرار