عنده، ثمّ إنّه لم يولّه نصيبا في
الجبلين: اجاء و سلمى، فخاف أن لا يكون له منعة فتحوّل فنزل على خالد بن سدوس بن
اصمع النبهاني فأغارت بنو جذيلة على امرء القيس و هو في جوار خالد بن سدوس فذهبوا
بابله و كان الذي أغار عليه منهم باعث بن حويص، فلمّا أتى امرء القيس الخبر ذكر
ذلك لجاره، فقال له: اعطنى رواحلك ألحق عليها القوم فأردّ عليك ابلك، ففعل فركب
خالد في أثر القوم حتّى أدركهم فقال: يا بني جذيلة أغرتم على ابل جارى؟ قالوا: ما
هو لك بجار، قال: بلى و اللّه و هذه رواحله، قالوا: كذلك، قال: نعم، فرجعوا إليه
فأنزلوه عنهنّ و ذهبوا بهنّ و بالابل، و قيل بل انطوى خالد على الابل فذهب بها،
فقال امرء القيس: دع عنك نهبا،
القصيدة. أى اترك عنك منهوبا يعني غنيمة صيح في جوانبه و نواحيه صياح الغارة، و لكن هات
حديثا الذي هو حديث الرّواحل أي النّوق التّي تصلح لأن يشدّ الرّحل على ظهرها.
و غرضه 7 بالتمثيل بالبيت الاشارة إلى أنّ المتخلّفين الثلاثة الماضين قد نهبوا
تراثى و أغاروا على حقّي مع صياح عند النّهب و الغارة يريد به الاحتجاجات و
المناشدات الّتي كانت منه 7 و من أتباعه بعد السقيفة و في مجلس الشّورى
حسبما عرفتها في شرح الخطبة الشقشقيّة و غيرها.
يقول 7: دع عنك ذكر تلك الغارة و حديثها و لا تسئل عنها فانّه نهب صيح
في حجراته و مضى و انقضى (و لكن هلمّ الخطب في ابن أبي سفيان) أى لكن هات
ذكر الحدث الجليل و الأمر العظيم الّذي نحن مبتلى به الان في منازعة معاوية بن أبي
سفيان و طمعه في الخلافة، فانّه حديث عجيب ينبغي أن يتحدّث و يذاكر و يستمع (فلقد
أضحكنى الدّهر بعد إبكائه) أى صرت ضاحكا ضحك تعجّب من تصرّفات الدّهر و تقلّباته
و تربيته لأراذل النّاس و جعله مثل ابن النّابغة الاكلة للأكباد و الطّليق ابن
الطّليق منازعا لي في الخلافة، و معارضا علىّ في الرّياسة مع غاية بعده عنها و
انحطاط رتبته عن الطمع في مثلها بعد ما كانت بي من الكأبة و الحزن لتقدّم من سلف.