على أصناف مختلفة و أنواع متكثّرة و
هيئات عجيبة و أوصاف بديعة (من حيوان و موات و ساكن
و ذى حركات) أى بعضها ذو حيات كأصناف الملائكة و الحيوان
و الجنّ و الانس، و بعضها ذو ممات كالشّجر و الجماد و النّبات و غيرها ممّا ليس
لها حياة، و بعضها متّصفة بالسكون كالأرض و الجبال، و بعضها متّصفة بالحركة
الاراديّة كالانسان و الحيوان و نحوهما، أو طبيعيّة كالماء و النّار و الكواكب و
الأفلاك.
(و أقام من
شواهد البيّنات على لطيف صنعته و عظيم قدرته ما) أي شاهد صدق و برهان
حتّى (انقادت له) أى لذلك الشّاهد (العقول معترفة
به) أى بهذا الشّاهد أو باللّه سبحانه (و مسلّمة له) غير جاحدة
لحقيّته استعاره (و نعقت) أى صاحت (في أسماعنا
دلائله) سبحانه (على وحدانيّته) قال الشّارح البحراني استعار لفظ
النّعيق في الأسماع لظهور تلك الدّلائل في صماخ العقل (و ما ذرأ) أى أقام من
شواهد البيّنات أو نعقت دلائل ما ذرئه و خلقه (من اختلاف صور
الأطيار الّتي أسكنها أخاديد الأرض) كالقطا و نحوه ممّا يسكن الشّقوق في الأرض (و خروق
فجاجها) كالقبج و شبهه ممّا يسكن الفجاج أى الطرق الواسعة بين الجبلين (و رواسى
أعلامها) كالعقبان و الصّقور تأوى في الجبال الرّاسيات أى الثّابتات
المستقرّات (من ذوات أجنحة مختلفة و هيئات متباينة) فهذا غراب، و هذا
عقاب، و هذا حمام، و هذا نعام خلقها اللّه سبحانه على أشكال مختلفة و طبايع
متضادّة.
و لكنّها
كلّها على تباين طبائعها و تضادّ أجناسها مقهورة تحت ذلّ القدرة مشدودة بربق
الطّاعة (مصرّفة) و متقلّبة (في زمام التسخير) كما قال عزّ
من قائل:
قال الرّازي:
هذا دليل على كمال قدرة اللّه و حكمته: فانّه لولا أنّه تعالى خلق الطّير خلقة
معها يمكنه الطّيران فيها لما أمكن ذلك، فانّه أعطى الطّير جناحا يبسطه مرّة و
يكسره اخرى، مثل ما يعمل السّابح في الماء، و خلق الهواء خلقة