الاحتمال الاوّل يلزم الفصل بين المتعلّق
و المتعلّق بالأجنبيّ.
و المراد به
أنّ كلامه مع موسى ليس ككلام البشر صادرا عن الحنجرة و اللسان و اللهوات أى
اللحمات في سقف أقصى الفم و عن مخارج الحروف و غيرها بل كلّم معه بأن أوجد الكلام
في الشجرة كما هو صريح قوله سبحانه: فَلَمَّا أَتاها نُودِيَ مِنْ شاطِئِ
الْوادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَنْ يا
مُوسى هذا.
و في كلامه
دلالة على عدم جواز وصفه بالنطق و لعلّه لصراحة النطق في إخراج الحروف من المخارج،
بخلاف الكلام.
و يستفاد من
خطبة له 7 آتية في الكتاب و مرويّة في الاحتجاج أيضا عدم جواز وصفه
باللّفظ أيضا بخلاف القول حيث قال فيها: يخبر لا بلسان و لهوات و يسمع لا
بخروق و أدوات يقول و لا يلفظ و يحفظ و لا يتحفّظ.
و لعلّ السّر
فيه أيضا صراحة التلفظ في اعتماد اللفظ على مقطع الفم و استلزامه للأدوات دون
القول.
ثمّ نبّه على
عجز القوى البشريّة عن وصف كماله تعالى بقوله (بل إن كنت صادقا
أيّها المتكلّف) أى المتحمّل للكلفة و المشقّة (لوصف ربّك) في وصفه (فصف) بعض خلقه و
هو (جبرئيل و ميكائيل و جنود الملائكة المقرّبين) و الأمر
للتعجيز كما في قوله تعالى: فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ.
قال الشّارح
البحراني: هى صورة قياس استثنائى متّصل نبّه به على عجز من يدّعى وصف ربّه كما هو،
و تقديره إن كنت صادقا في وصفه فصف بعض خلقه و ينتج باستثناء نقيض تاليه أى لكنّك
لا يمكنك وصف هؤلاء بالحقيقة فلا يمكنك وصفه تعالى، بيان الملازمة أنّ وصفه تعالى
إذا كان ممكنا لك فوصف بعض آثاره أسهل عليك، و أما بطلان التالي فانّ حقيقة جبرئيل
و ميكائيل و سائر الملائكة المقرّبين غير معلومة لأحد من البشر، و من عجز عن وصف
بعض آثاره فهو عن وصفه أعجز.
أقول: و يشهد
بما ذكره هنا من عدم امكان وصف الملائكة على ما هى عليه ما تقدّم منه 7
و منّا في الفصل الخامس من فصول المختار التسعين و شرحه، فقد