قال الشارح
المعتزلي بعد روايته عن البعض نصب لفظ الادلهمام: و هذه الرواية أحسن في صناعة
الكتابة لمكان الازدواج أى لا القمر و الكواكب تمنع الليلة من الظلمة، و لا الليل
يمنع الكواكب و القمر من الاضاءة أقول: و محصّل مقصود الامام 7 إنّ اللّه
سبحانه لما قدّر بلطيف حكمته أن يجعل الليل سباتا و راحة للخلق جعلها مظلمة لأنّ
كثيرا من الناس لو لا ظلمتها لم يكن لهم هدء و لا قرار حرصا على الكسب و الجمع و
الادخار مع عظم حاجتهم إلى الهدؤ و الراحة لسكون أبدانهم و جموم حواسّهم و انبعاث
القوّة الهاضمة لهضم الطعام و تنفيذ الغذاء إلى الأعضاء و لما كان شدّة ظلمتها و
كونها داحية مدلهمة مانعة عن جميع الأعمال و ربما كان الناس محتاجين إلى العمل
فيها لضيق الوقت عليهم في تقضى الأعمال بالنهار أو شدّة الحرّ و إفراطه المانع من
الزرع و الحرث و قطع الفيافي و الأسفار جعل ببديع صنعه فيها كواكب مضيئة و قمرا
منيرا و ليهتدى بها في ظلمات البرّ و البحر و الطرق المجهولة، و يقام بالأعمال من
الزرع و الغرس و الحرث و غيرها عند مسيس الحاجة، و جعل نورها ناقصا من نور الشمس
كيلا يمنع من الهدؤ و الراحة.
(فسبحان
من) جعل النور و الظلام على تضادّهما منقادين متظاهرين على ما فيه صلاح
العالم و قوامه و سبحان من هو بكلّ شيء محيط حتّى لا يعزب عنه مثقال ذرّة في
الأرض و لا في السماء و (لا يخفى عليه سواد غسق داج) أى ظلمة مظلمة و
العطف للمبالغة من قبيل شعر شاعر مجاز (توسع) (و لا ليل ساج) أى ساكن و
فى الاسناد توسّع باعتبار سكون الناس و هدؤهم فيها جناس الخط (في بقاع الأرضين
المتطاطئات) المنخفضات (و لا في يفاع السفع المتجاورات) أى في مرتفع
الجبال المتجاورة و انما عبر عن الجبال بالسفع لأنّ لونها غالبا مشرب حمرة، و لا
يخفى ما فيما بين لفظ البقاع و اليفاع من جناس الخط و هو من محاسن البديع حسبما
عرفته في ديباجة الشرح.