المظلم، و لا استطاعت جلابيب سواد
الحنادس أن تردّ ما شاع في السّموات من تلالؤ نور القمر. فسبحان من لا يخفى عليه
سواد غسق داج، و لا ليل ساج في بقاع الأرضين المتطأطئات، و لا في يفاع السّفع
المتجاورات، و ما يتجلجل به الرّعد في أفق السّماء، و ما تلاشت عنه بروق الغمام، و
ما تسقط من ورقة تزيلها عن مسقطها عواصف الأنواء و انهطال السّماء، و يعلم مسقط
القطرة و مقرّها، و مسحب الذّرّة و مجرّها، و ما يكفى البعوضة من قوتها، و ما تحمل
الانثى في بطنها. و الحمد للّه الكائن قبل أن يكون كرسيّ، أو عرش، أو سماء، أو
أرض، أو جانّ، أو إنس، لا يدرك بوهم، و لا يقدّر بفهم، و لا يشغله سائل، و لا
ينقصه نائل، و لا ينظر بعين، و لا يحدّ بأين، و لا يوصف بالأزواج، و لا يخلق
بعلاج، و لا يدرك بالحواسّ، و لا يقاس بالنّاس، الّذي كلّم موسى تكليما، و أراه من
آياته عظيما، بلا جوارح و لا أدوات، و لا نطق و لا لهوات. بل إن كنت صادقا أيّها
المتكلّف لوصف ربّك، فصف جبرئيل و ميكائيل و جنود الملائكة المقرّبين في حجرات
القدس مرجحنّين،