المساكن و استقرار الأحياز و نحوها ممّا
هو من صفات المخلوقات المنزّه المتعالى عنها خالق الأرض و السماوات تنزّها ذاتيا و
علوّا كبيرا.
(فالحدّ
لخلقه مضروب و إلى غيره منسوب) يعني أنه سبحانه جاعل الحدود و النهايات و
مبدئها و موجدها فأبدئها و ضربها لمخلوقاته و أضافها إلى مبدعاته و جعل لكلّ منها
حدا معيّنا و قدرا معلوما، فهى أوصاف للممكنات و حضرة القدس مبرّاة عنها.
روى في
الكافي عن سهل بن زياد عن بشر بن بشّار النّيشابوري قال: كتبت إلى الرّجل أنّ من
قبلنا قد اختلفوا في التّوحيد فمنهم من يقول إنّه جسم و منهم من يقول إنّه صورة،
فكتب 7 سبحان من لا يحدّ و لا يوصف و لا يشبهه شيء و ليس كمثله شيء و
هو السّميع البصير.
(لم يخلق
الأشياء من اصول أزليّة و لا من أوائل أبديّة) قال العلّامة
المجلسيّ ردّ على الفلاسفة القائلين بالعقول و الهيولى القديمة.
و قال
الشّارح المعتزلي: الردّ في هذا على أصحاب الهيولى و الطّينة الّتي يزعمون قدمها و
قيل: إنّ معناه ليس لما خلق أصل أزليّ أبديّ خلق منه من مادّة و صورة كما زعمت
الفلاسفة.
و قال
الشّارح البحراني: إنّه لم يخلق ما خلق على مثال سبق يكون أصلا.
و محصّل ما
ذكروه أنّ خلقه للأشياء على محض الابداع و الاختراع و أن لا مبدء لصنعه إلّا ذاته،
إذ لو كان خلقه لها مسبوقا بمادّة أو مثال فان كانا قديمين لزم تعدّد القدماء، و
إلّا لزم التسلسل في الأمثلة و الموادّ.
و أوضح هذا
المعنى بقوله (بل خلق ما خلق فأقام حدّه و صوّر ما صّور فأحسن صورته) يعني أنّه
المخترع لاقامة حدود الأشياء على ما هى عليها من المقادير و الاشكال و النهايات و
الاجال و الغايات على أبلغ نظام. و مصوّرها على أحسن اتقان و إحكام (ليس
لشيء منه امتناع) لعموم قدرته و غاية قهره و قوّته (و لا له بطاعة
شيء انتفاع) إذ هو الغنيّ المطلق عمّا عداه و المتعالى عن الافتقار إلى ما سواه،