كنت قد أنسيته . فقال : لا والله ،
ولكنك فررت من سيوف بني عبد المطلب ، فإنها طوال حِدَاد ، تحملها فتية أنجاد ! قال
: لا والله ، ولكني ذكرت ما أنسانيه الدهر فاخترت العار على النار ، أبالجبن
تعيرني لا أباً لك ! ثم أمال سنانه وشدَّ في الميمنة فقال علي 7 :
أفرجوا له فقد هاجوه ، ثم رجع فشد في الميسرة ، ثم رجع فشد في القلب ، ثم عاد إلى
ابنه ، فقال : أيفعل هذا جبان ؟ ثم مضى منصرفاً ، حتى أتى وادي السباع والأحنَفُ
بن قيس معتزل في قومه من بني تميم ، فأتاه آت فقال له : هذا الزبير ماراً ، فقال :
ما أصنع بالزبير وقد جمع بين فئتين عظيمتين من الناس يقتل بعضهم بعضاً وهو مارٌّ
إلى منزله سالماً ! فلحقه نفرمن بني تميم ، فسبقهم اليه عمرو بن جُرموز وقد نزل
الزبير إلى الصلاة ، فقال : أتؤُمُّني أو أَؤُمُّك ؟ فأمه الزبير فقتله عمرو في
الصلاة .
وقتل الزبير وله خمس وسبعون سنة ،
وقد قيل إن الأحنف بن قيس قتله بإرساله من أرسل من قومه . وقد رثته الشعراء وذكرت
غدْرَ عمرو بن جُرْموز به ، وممن رثاه زوجته عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفَيْل أخت
سعيد بن زيد ، فقالت :
غدَرَ ابن جرموزٍ بفارس بُهْمةٍ *
يوم اللقاء وكان غير مسدَّدِ
يا عمرو لو نبهته لوجدته * لا طائشاً
رعش الجنان ولا اليد
هَبِلتْك أمك إن قتلت لمسلماً * حلت
عليك عقوبة المتعمد
ما إن رأيت ولا سمعت بمثله * فيمن
مضى ممن يروح ويغتدي
وأتى عمرو علياً بسيف الزبيروخاتمه
ورأسه . وقيل إنه لم يأت برأسه ، فقال علي : سيفٌ طالما جلا الكرب عن وجه رسول
الله 6 لكنه الحينُ ومصارع السوء ، وقاتل ابن صفية في النار !
ففي ذلك يقول عمرو بن جرموز التميمي :
أتيت علياً برأس الزبير * وقد كنت
أرجو به الزلفة
فبشر بالنار قبل العِيان * وبئس
بشارة ذي التحفة
لسيَّان عندي قتل الزبير * وضرطة عنز
بذي الجحفة
4 . وفي الدر النظيم ( 1 / 346 ) : (
وأكثر علي 7 مراسلة طلحة والزبير وعائشة مراراً