و عجيب ذهبنا إلى «بلينهام» حيث يقيم دوق (دي مالبوروغ) و هذا الموضع بلا جدال و لا خلاف أجل من كل موضع رأيته أيّامئذ، ففخامته أنستني جمال بساتين و يندسور و جميع المواضع الّتي زرتها، فالبساتين دورها أربعة عشر ميلا، و فيها دوح ذو ظل ثخين، و المنزل بالحرى القصر فخم، و قد شمل هو و البنايات التابعة فسحة أرض مقدارها نصف ميل مربع، و عدّة سواق رائقة الماء تشق الحديقة، و أعرضها قد زينت بقناطر جميلة، و هناك عمود من الحجارة سمكه سبعون ذراعا، و عليها تمثال من المرمر للدوق الكبير، بحجمه الطبيعي، و هو في وسط الحديقة. و هذا الرجل المشهور كان قائد القوات الإنكليزية على عهد الملكة «آن» من أشرف الملكات في إنكلترا. و عند رجوع [1] الدوق المذكور آنفا كوفئ بإحسان على خدمته للدولة بهذا القصر الفخم و بجراية مقدارها «خمسون ألف روبية». و أشجار الحديقة تمثل، كما قيل لي، جيشا معبأ للقتال، و السجاجيد و البسط في أهم أقسام القصر رسوم الوقائع الّتي خاضها الدوق الكبير.
و بعد زيارة العمارة و البساتين سرنا مسيرة في الحديقة و قصدنا إلى أحد أصدقاء المستر «كوكريل» و قد دعا، لاستقبالنا، جماعة كبيرة، و من ثمّ قصدنا إلى المستر «ستراتون» شاب متحبب جدا، يملك في أرباض المدينة أملاكا مساحتها أربعة آلاف أكر [2]، و هذا الشاب الفاضل، شديد العناية بالصيد، و يقتني خيلا كثيرة و كلابا و غيرها، و كنت شديد التوق إلى معرفة كيفية الصيد في إنكلترا، فقدّم إليّ متفضلا، على سبيل الإعارة، فرسا و بندقية، و خرجنا بالضحى و معنا خادمان ليقودا فرسينا و يحملا الصيد، و قد سرنا عشر ساعات تقريبا راكبين تارة و ماشين أخرى، و قد جئنا بعشرين دراجة و خمس أرانب [3].
و ما في الأرض بلاد تربي كلاب صيد أكثر من إنكلترا، ففيها كلاب لكل نوع من الصيود. للظباء و للثعالب، و هم يجمعون الكلاب في أسراب