نام کتاب : رحلة أبي طالب خان إلى العراق و أوروبة نویسنده : أبو طالب بن محمد الأصفهاني جلد : 1 صفحه : 205
فاحشا فوجب عليّ العدول عن خطتي في إرادتي أن أرى أشهر مدن أوروبا، و إن كانت معي كتب توصية بي كان المستر ولسون زوّدنيها و هي معنونة إلى أعيان فلورنسا و روما و نابل و أكابرها.
إنّ مدينة ليفورن المشهورة جدا بمينائها و فيه يجتمع تجار جميع الدول الّتي تسكن سواحل البحر الأبيض [1] المتوسط هي في غاية الصغر، فإذا قعد الإنسان في وسطها استطاع بسهولة أن يرى أبوابها الأربعة، و لكنّها محوطة بتحصينات، و معظم المساكن فيها لها أربع طبقات أو خمس و سكناها مضجرة بسبب حر المدينة الّذي لا يطاق و البعوض و البق و الحشرات الأخرى الّتي يطول ذكرها. و الماء العذب نادر جدا في ليفورن، و المنابع الشعبية [2] فيها قليلة، ثمّ إنّ ماء هذه المنابع يجري بطيئا يستغرق ملء إناء واحد نصف ساعة، و قد رأيت غالبا ناسا ينحنون و يمتصون الحنفية لإسراع نزول الماء، و في أثناء ذلك نرى جمعا من النّاس ينتظرون نوبتهم، و لذلك حدث غير مرّة خصام و شجار بينهم لكما بجمع الكف. و إذ كان مستحيلا الحصول على الماء العذب في الدور كنت أذهب غالبا إلى المنبع و لكني قلما كنت أروي عطشي و أنقع غلتي.
و الحرارة في المثاوي هناك شديدة دائما، و قد اعتدت أن أخرج بعيد الظهيرة فاقعد في ظل جدار أو أتنزه في مقهاة لتزجية الوقت، و بالمساء كنت أقعد تحت رتاج كنيسة كبيرة مقامة على رحبة من رحاب المدينة من أجل أن أستنشق بعض البرودة- أنزل اللّه لعنته على مدينة ليفورن و على أهلها الّذين هم على غناهم المشهور المذكور جدا أشحّاء يبتزون من الأجنبي، إن استطاعوا، كل ماله حتّى آخر فلس-.
و كنت ذا مساء قاعدا، على عادتي هناك، على درج الكنيسة فاقترب منّي من ورائي مازح سفيه فانتزع من رأسي عمامتي، و كان طرف من هذا النسيج الموصلي متدليا اتفاقا، فأمسكت به و نهضت بسرعة و حاولت أن أقبض على السفيه إلّا أنّه مزّق العمامة و هرب بقطعة منها، و حكيت هذا
[1] ليس في الأصل كلمة «الأبيض» و قد نزيدها أحيانا زيادة منّا للإيضاح. (المترجم).
[2] أراد أنابيب الحياض الّتي يستقي الشعب الماء منها للشرب و الاستعمال. (م).
نام کتاب : رحلة أبي طالب خان إلى العراق و أوروبة نویسنده : أبو طالب بن محمد الأصفهاني جلد : 1 صفحه : 205