نام کتاب : رحلة أبي طالب خان إلى العراق و أوروبة نویسنده : أبو طالب بن محمد الأصفهاني جلد : 1 صفحه : 108
ليس في الأرض بلاد فيها السياحة أهون منها في إنكلترا، فإذا عرضت للإنسان أمور مهمة قاهرة احتجز محلا في «عربات البريد» و انتقل في ستة أيّام أو سبعة إلى مسافة أكثر من «تسعمائة ميل» من غير أن يخشى شيئا من الوقت السيء، و هذه العربات تدفع ضريبة إلى الدولة و تخدم جميع طبقات الشعب، و توجد أمثالها في فرنسا و سائر أقطار أوروبا و ليس في قطر منها للمسافر من العناية به ما له في إنكلترا، ففي إيرلندة كنت أشكو من كثرة ارتجاج العربات و من فظاظة سواق العربات، على أنّ ذلك في فرنسا أوحش و أوخش.
فالطعام و الغلات الّتي هي أعم شراء غالية جدا في إنكلترا، فالفقير فيها جدّ تعس، إن كان له بعض الاشتهاء و الابتغاء للحم، فالليفر من اللحم ثمنه عموما، سبعة بنسات و نصف، و أربع ليفرات من الخبز ثمنها خمسة عشر بنسا و البيرة المضاعفة أو بورتر ثمن البنت [1] منها خمسة بنسات، و ثمن الخضراوات و الفواكه يختلف على حسب الفصل.
و الإنكليز يخصّصون مبالغ عظيمة بصيانة «بيوت الزرع الحارة» الّتي فيها نباتات و فواكه في منتصف أشدّ البرد، و يقدّمون على موائد الأغنياء فاكهة «الأناناس» و البطيخ و حاصلات أخرى من المنطقة الحارّة، و لنقل و نحن في طريقنا إنّه لم يستطع واحد من أعاظم أباطرة الهند بكل قدرته و استطاعته أن يستنبت في بلاده الكشمش و الكرز «حب الملوك» أشهر فاكهتين في أوروبا.
و يعود أعظم جزء من ثروة الإنكليز إلى فضل ملاحتهم و كذلك استيلاؤهم في كل وقت على بلاد أعدائهم من غير أن يعرضوا أنفسهم لأخطار جسيمة، و الفرنسيون بالضدّ منهم فمع جيش لجب لهم و جنود شجعان لا يستطيعون أن يضرّوهم لأنّ الإنكليز تحميهم مضارب مدفعيتهم الطافية [2] و لا يسعني إلّا الإعجاب بالفن الّذي يصنعون به سفنهم و القواعد الّتي ابتدعوها لحفظ الصحة و القانون الّذي يطبقونه في سفنهم [3] و الخبر