و حكي أيضا: أنّ بعضهم سمع في مجلس مغنّيا يغنّي بهذا البيت:
ما زلت أنزل من ودادك منزلا * * *تتحيّر الألباب عند نزوله
فقام و تواجد و هام على وجهه، فوقع في أجمة قصب قد قطع و بقيت أصوله مثل السيوف فصار يعدو فيها و يعيد البيت إلى الغداة، و الدم يخرج من رجليه حتى و رمت قدماه و ساقاه، و عاش بعد ذلك أيّاما و مات [2].
و حكاياتهم في هذا الباب كثيرة.
و قد قال بعضهم [3]: إنّ السماع وارد حقّ، جاء يزعج القلوب إلى الحقّ، فمن أصغى إليه بحقّ تحقّق، و من أصغى إليه بنفس تزندق [4].
و قال بعضهم: السماع غذاء الأرواح لأهل المعرفة [5].
و قال بعضهم: كما أنّ الفكر يطرق العلم إلى المعلوم فالسماع يطرق القلب إلى العالم الروحانيّ [6].
و قال بعض الحكماء: من حزن فليسمع الألحان، فإنّ النفس إذا دخلها الحزن خمد نورها، و إذا فرحت اشتعل نورها و ظهر فرحها [7].
و قال بعضهم: نتائج السماع استنهاض العاجز من الرأي و استجلاب العازب من الأفكار و حدّة الكالّ من الأفهام و الآراء حتّى يثوب ما عزب، و ينهض ما عجز، و يصفو ما كدر، و يمرح في كلّ رأي و نيّة فيصيب و لا يخطئ، و يأتي و لا يبطئ [8].