و قبل أن نشخص ما هو مقتضى دليل الحجيّة نستعرض الممكنات ثبوتا، ثم نعرض دليل الحجيّة على هذه الممكنات لنرى وفاءه بأي واحد منها.
و لاستعراض الممكنات ثبوتا نذكر عددا من الفروض لنميز بين ما هو ممكن منها و ما هو مستحيل ثبوتا و واقعا.
الافتراض الأول: أن يكون الشارع قد جعل الحجيّة لكل من الدليلين المتعارضين، و هذا مستحيل لأن هذين الدليلين كل واحد
- 2- أم معنى دليل الحجيّة لزوم الأخذ بأحد الخبرين بشرط عدم الالتزام بالآخر؟ و هذا أيضا غير ممكن، لأنه في حال ترك كلا الخبرين يصيران علينا فعليّين.
3- أم معنى دليل الحجيّة لزوم الأخذ بأحد الخبرين لميزة فيه ككون رواته عدولا و ذاك الخبر رواته ثقات غير عدول؟ هذا المعنى معقول لكن لا دليل عليه، فالدليل يقول: «خذ بخبر الثقة» لا أكثر.
4- أم معناه الحجيّة التخييرية، فلا يجوز إهمال كلا الدليلين المتعارضين و الرجوع إلى أصل عملي كالبراءة أو الرجوع إلى دليل أعم من هاتين الروايتين المتعارضتين؟ و هذا افتراض معقول إلّا أنّ معنى «خذ بخبر الثقة» خذ بكل خبر ثقة، أي بنحو التعيين، فاستفادة التخيير بحاجة إلى دليل.
5- فيتعيّن أن نقول بالتساقط و الرجوع إلى الأصل العملي، (فلو) ورد «غسل الجمعة واجب» و «غسل الجمعة مستحب» يتساقطان و نرجع إلى قاعدة البراءة، (و لو) وردنا «بيع الكلاب جائز» و «ثمنهم سحت» نرجع إلى الدليل العام في المقام و هو «أحلّ اللّه البيع».