الأمر الأوّل: إنّ الأدلّة الخاصة التي أقاموها على حجّية خبر العادل لا تدلّ إلّا على حجّية الإخبار عن حسّ؛ لأنّ العمدة من تلك الأدلّة هو الاتفاق الحاصل من عمل القدماء
و أمّا وجه الحاجة إلى الأمر الأول فلأجل توهّم الملازمة بينهما، نظرا إلى كون كلّ منهما نقلا لقول المعصوم 7، فيدل على حجّية الإجماع ما يدل على حجّية الخبر. فردّ المصنف ; هذا التوهّم في الأمر الأول بالفرق بين الخبر و الإجماع المنقول، و قال: إنّ الخبر يكون إخبارا عن حس، و الإجماع هو الإخبار عن حدس، و أدلّة أخبار الآحاد إنّما تدل على حجّية ما يكون عن حس، فلا تدل على حجّية ما يكون عن حدس، فلا تشمل الإجماع المنقول.
و أمّا وجه الحاجة إلى الأمر الثاني، فلأجل توهّم الملازمة بينهما، بعد تسليم عدم دلالة أدلّة أخبار الآحاد على حجّية الإخبار عن حدس فقط، و ذلك إنّ التحدّس عن اللازم بالملزوم على وجهين: أحدهما: أن تكون الملازمة بينهما ضرورية، أو عادية، ثانيهما: أن تكون اتفاقية.
ثم استلزام اتفاق فتاوى العلماء، أو جماعة منهم لقول الإمام 7 قد يكون من القسم الأول، كاتفاق فتاوى جميع علماء الأعصار، و قد يكون من القسم الثاني، كما إذا اتفق حصول العلم بقول الإمام 7 من اتفاق جماعة.
و أدلة حجّية أخبار الآحاد إنّما لا تشمل اللّوازم الحدسية إذا كانت الملازمة اتفاقية، و أمّا إذا كانت ضرورية أو عادية فتشملها بلا ريب و شك، فيمكن أن تكون الملازمة بين الإجماع و قول المعصوم 7 من هذا القبيل.
فردّ المصنّف ; هذا التوهّم في الأمر الثاني حيث قال فيه: إنّ الإجماع في الاصطلاح هو اتفاق علماء عصر من الأعصار على أمر ديني، و لا ريب أنّ ملازمة اتفاق علماء عصر لموافقة قول المعصوم 7- مع قطع النظر عن موافقة السابقين و اللّاحقين- ليست ضرورية، و لا عادية، فلا تشمله أدلة أخبار الآحاد.
هذا تمام الكلام في الأمرين ملخّصا قبل توضيحهما في كلام المصنف ; تفصيلا.
[الأمر الأول إنّ الأدلّة التي أقيمت على حجّية خبر العادل لا تدلّ إلّا على حجّية الإخبار عن حسّ]
(الأمر الأول: إنّ الأدلة الخاصة ... إلى آخره) و هي ثلاثة:
الأول: الاتفاق الحاصل من عمل الأصحاب المسمّى بالإجماع العملي.