و قبل البحث عن القطع نطرح سؤالين لا يخلو طرحهما عن مناسبة و فائدة:
السؤال الأول: لما ذا قدم المصنف (قدّس سرّه) بحث القطع على بحث الظن و الشك؟ ثم لما ذا قدّم بحث الظن على الشك؟
السؤال الثاني: لما ذا اختار في المقصد الأول عنوان القطع، و لم ينتخب عنوان اليقين و العلم مع أنّ هذه العناوين مشتركة في أنّها اعتقاد جازم؟
أما الجواب عن السؤال الأول فنقول: إنّه قدّم بحث القطع لأحد أمرين:
الأول: لشرافة القطع على الظن و الشك.
أمّا شرافته على الظن فلأنّ حجّيته ذاتية بخلاف الظن، إذ هو حجّة بجعل من الشارع.
و أمّا شرافته على الشك فلا يحتاج إلى البيان، إذ الشك ليس بحجّة، بل لا يعقل أن يكون حجّة، و من هنا يظهر وجه تقديم الظن على الشك.
و الثاني: لاختصار بحث القطع دونهما.
و أمّا الجواب عن السؤال الثاني، فنقول: إنّ المصنف (قدّس سرّه) أراد أن يبحث عن التجرّي، و البحث عنه يناسب عنوان القطع دون اليقين و العلم، و ذلك لأنّ التجرّي- كما سيجيء- هو مخالفة القطع غير المطابق للواقع، فيكون مقابلا للمعصية، و هي مخالفة القطع المطابق للواقع.