و كان الرضي ينسب إلى الإفراط في عقاب الجاني من أهله و له في ذلك حكايات، و منها: «أنّ امرأة علوية شكت إليه زوجها و أنه يقامر بما يتحصل له من حرفة يعانيها، و أنّ له أطفالا و هو ذو عيلة و حاجة، و شهد لها من حضر بالصدق فيما ذكرت، فاستحضره الشريف و أمر به فبطح و أمر بضربه فضرب و الإمرأة تنتظر أن يكف، و الآمر يزيد حتى جاوز ضربه مائة خشبة، فصاحت الإمرأة: و ايتم أولادي، كيف تكون صورتنا إذا مات هذا؟فكلّمها الشريف بكلام فظّ فقال: ظننت أنّك تشكينه إلى المعلّم» [1] .
و يكفي الشريف فخرا أنّه لم يدنّس ثوبه بمغريات الحياة الزائلة حتى قال فيه تلميذه الوفي مهيار الديلمي:
أبكيك للدنيا التي طلّقتها # و قد اصطفتك شبابها و عرامها
و رميت غادتها بفضلة معرض # زهدا و قد ألقت إليك زمامها
تعقيب: استساغ للذهبي أن يتّهم الشريف الرضي بمجرّد الهوى و مخالفة العقيدة و المذهب. و لا أدري كيف استساغ كارل برو كلمان الالماني لنفسه ان يقول بصورة قاطعة:
«و ينسب إلى الشريف الرضي أيضا كتاب نهج البلاغة، و الصحيح أنه من جمع أخيه الشريف المرتضى» [3] .
و لعله قلّد في ذلك ادوارد فانديك، و قد التمس شيخنا العلامة الشهرستاني عذرا لهذه الدعوى و قال: «و نسبة (ادوارد فانديك) في اكتفاء القنوع كتاب نهج البلاغة إلى الشريف المرتضى أخي الرضي خطأ منشأه أنّ الشريف الرضي كان يلقب بالمرتضى أحيانا، لأن جدّه إبراهيم المرتضى بن الإمام موسى بن جعفر 7، كما أن أخاه المرتضى كان يلقّب بذلك، ثم بقي هذا اللقب على هذا، و لقّب الأول بالرضي يوم رضوا به نقيبا على نقباء العلويين ليتميّز عن بقية آل المرتضى» [4] .