الذي يجمعه، و هو نفسه قد أقرّ أنّ روايات كلام سيدنا عليّ تختلف اختلافا شديدا [1] ، و كانت غايته الكبرى هي تفضيل الأفصح و الأبلغ، و في سبيل هذه الغاية توسّع في الطلب فلم يتوقف حين تشتبه نسبة شيء إلى الإمام علي، و لم يرفض ما هو مشترك النسبة، ذلك هو الذي يفسر حقيقة الكتاب اعني طريقة الشريف في الجمع و الاختيار. فهناك خطبة أوردها الجاحظ في البيان لمعاوية و شكّك الجاحظ نفسه فيها و قال: «إنّها بكلام عليّ أشبه» ، فأدرجها الرضي في النهج اعتمادا على تشكيك الجاحظ و هو في رأيه ناقد بصير، غير أنّ الجاحظ أورد في البيان خطبة اخرى لقطرى بن الفجاءة و جعلها الشريف في النهج لعليّ، و لم يثق هذه المرة في رواية من سمّاه ناقدا بصيرا» [2] .
فإنّ الشريف الرضي قدّس سرّه اعتمد على روايات أهل البيت في خطبة الإمام، و إنما أورد كلام الجاحظ تأييدا و انتصارا، لأنّ الجاحظ ليس بشيعيّ حتى يتّهم في قوله الموافق لمذهب أهل البيت، و لم يذكر ما لم يوافقه عليه، و كون الجاحظ ناقدا بصيرا لا يستلزم ان يكون كذلك في كلّ رواية و في كلّ حالة.
المقطع التاسع
في شخصية الإمام 7
:
قال الرضي ;: «و من عجائبه 7 التي انفرد بها، و أمن المشاركة فيها، أنّ كلامه 7 الوارد في الزهد و المواعظ، و التذكير و الزواجر، إذا تأمّله المتأمّل، و فكّر فيه المفكّر، و خلع من قلبه أنّه كلام مثله ممن عظم قدره و نفذ أمره، و أحاط بالرّقاب ملكه، لم يعترضه الشك في أنّه من كلام من لاحظّ له في غير الزهادة، و لا شغل له بغير العبادة، قد قبع في كسر بيت، أو انقطع في سفح جبل لا يسمع إلاّ حسّه، و لا يرى إلاّ نفسه، و لا يكاد