لا يقال: إنّ مخالفة جمع من الصحابة مع النصّ الصريح توجب الإعراض عن رأيهم، فإنّه يقال: لا يوجد نصّ صريح؛ إذ العمدة حديث سبرة، و سيأتي النقاش فيه.
ثانيا: يا ترى أنّ الصحابة: أمثال جابر و أبي سعيد و الإمام عليّ 7 و ابن عبّاس لم يتعبّدوا بما بلغهم من الشارع، و لكنّ الشوكاني متعبّد بما بلغه من الشارع!؟
ثالثا: يصرّح الشوكاني بأنّ طائفة من الصحابة تخالف الرأي بالتحريم، و ترى الحلّيّة، و لكنّه مع ذلك يتركهم لحديث يراه صحيحا، و إن كان مخالفا لأحاديث و أقوال جمع من الصحابة الّذين نسبوا الجواز إلى قول رسول اللّه 6 أو تقريره.
ثمّ إنّ المتتبّع لأحوال هؤلاء الصحابة و موقعهم العلمي و الاجتماعي، حينما ينظر إلى كلام الشوكاني بأنّه لم يبلغهم النسخ!! تراه يقف موقف المتحيّر المتعجّب من زعمه و زعم من يحذو حذوه؛ إذ أنّ من هؤلاء الصحابة من كان مفتي المدينة و المرجع للأحكام الشرعيّة، و منهم من هو جامع القرآن و كاتب الوحي، و منهم من هو الأعلم بكتاب اللّه و السنّة النبويّة، و منهم من هو حبر الامّة و فقيه العصر، و لم يطمئنّ في مسألة حتى يسأل ثلاثين صحابيّا و بعد ذلك ينسبها إلى النبيّ 6 كيف من كان بهذه الرتبة و المقام لم يطّلع على النسخ!! و يصرّ على الحلّيّة و الجواز إلى آخر حياته!!؟
و أمّا التابعون: ففيهم من لا نقاش في جلالته و هم يفتون بالحلّيّة و يعملون بها، و هذا ممّا يثير الشبهة، بل يوجب الاطمئنان بأنّ القول بالحرمة هو رأي الخليفة عمر بن الخطّاب و اجتهاده، كما ستعرف.