و بعد هيجانه لما كان كظم الغيظ مما يضعفه و يدفعه، فمن هذه الحيثية يكون كظم الغيظ أيضا ضدا له. فنحن نشير إلى فضيلة الحلم و شرافته، ثم إلى فوائد كظم الغيظ و منافعه، ليجتهد طالب إزالة الغضب في الاتصاف بالأول فلا يحدث فيه أصلا، و بالثاني، فيدفعه عند هيجانه. فنقول:
أما (الحلم)
فهو أشرف الكمالات النفسانية بعد العلم، بل لا ينفع العلم بدونه أصلا، و لذا كلما يمدح العلم أو يسأل عنه يقارن به، قال رسول اللََّه -صلى اللََّه عليه و آله و سلم-: «اللهم أغنني بالعلم و زيني بالحلم» .و قال-صلى اللََّه عليه و آله و سلم-: «خمس من سنن المرسلين. و عد منها الحلم.
و قال-صلى اللََّه عليه و آله و سلم-: «ابتغوا الرفعة عند اللََّه» . قالوا: و ما هي يا رسول اللََّه!؟قال: «تصل من قطعك، و تعطى من حرمك، و تحلم عمن جهل عليك» .و قال-صلى اللََّه عليه و آله و سلم: «إن الرجل المسلم ليدرك بالحلم درجة الصائم القائم» .و قال-صلى اللََّه عليه و آله و سلم-: «إن اللََّه يحب الحي الحليم، و يبغض الفاحش البذي» .و قال-صلى اللََّه عليه و آله و سلم-: «ثلاث من لم تكن فيه واحدة منهن فلا تعتدوا بشيء من عمله:
تقوى تحجزه عن معاصي اللََّه، و حلم يكف به السفيه، و خلق يعيش به في الناس» .و قال-صلى اللََّه عليه و آله و سلم-: «إذا جمع الخلائق يوم القيامة نادى مناد: أين أهل الفضل؟فيقوم ناس-و هم يسير-فينطلقون سراعا إلى الجنة، فتتلقاهم الملائكة فيقولون: إنا نراكم سراعا إلى الجنة؟فيقولون نحن أهل الفضل. فيقولون: ما كان فضلكم؟فيقولون: كنا إذا ظلمنا صبرنا و إذا أسيء إلينا عفونا، و إذا جهل علينا حلمنا. فقال لهم: ادخلوا الجنة فنعم أجر العاملين» .و قال-صلى اللََّه عليه و آله و سلم-: «ما أعز اللََّه بجهل قط، و لا أذل بحلم قط» .و قال أمير المؤمنين 7: «ليس الخير أن يكثر مالك