وَ لاََ تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضىََ إِلَيْكَ وَحْيُهُ[1] ، و قد روي: «أنه لما ولد عيسى (ع) أتت الشياطين إبليس، فقالت:
أصبحت الأصنام قد نكست رءوسها. فقال: هذا حادث قد حدث، مكانكم. فطار حتى جاء خافقي الأرض، فلم يجد شيئا، ثم وجد عيسى (ع) قد ولد، و إذا الملائكة قد حفت حوله، فرجع إليهم، فقال: إن نبيا قد ولد البارحة، ما حملت أنثى قط و لا وضعت إلا و أنا بحضرتها، إلا هذا، فايأسوا أن تعبد الأصنام بعد هذه الليلة، و لكن ائتوا بني آدم من قبل العجلة و الخفة» .
و الظواهر في ذم العجلة أكثر من أن تحصى، و لذلك أفتى بعض علماء العامة بالمنع من التعجيل لمن خاف فوت صلاة الجمعة. و السر في شدة ذمها:
أن الأعمال ينبغي أن تكون بعد المعرفة و البصيرة، و هما موقوفان على التأمل و المهلة، و العجلة تمنع من ذلك، فمن يستعجل في أمر يلقى الشيطان شره عليه من حيث لا يدرى. و التجربة شاهدة بأن كل أمر يصدر على العجلة يوجب الندامة و الخسران، و كل ما يصدر على التأني و التثبت لا تعرض بعده ندامة، بل يكون مرضيا، و بأن كل خفيف عجول ساقط عن العيون، و لا وقع له عند القلوب. و المتأمل في الأمور يعلم أن العجلة هو السبب الأعظم لتبديل نعيم الآخرة و ملك الأبد بخسائس الدنيا و مزخرفاتها.
و بيان ذلك: أنه لا ريب في أن أحب اللذات و ألذها للنفس هو الغلبة و الاستيلاء، لأنها من صفات الربوبية التي هي مطلوبة بالطبع للنفوس المجردة.