responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : جامع السعادات نویسنده : الشيخ مهدي بن أبي ذر النراقي    جلد : 1  صفحه : 223

لا يطيق منه إلا القليل، ثم هداه إلى الامتصاص حتى يستخرج من مثل هذا المضيق اللبن الكثير عند شدة الجوع، و أخر خلق الأسنان إلى تمام الحولين، لأنه لا يحتاج فيهما إليهما باللبن، و ما دام مغتذيا به لما كان في دماغه رطوبة كثيرة سلط عليه البكاء، لتسيل به تلك الرطوبة، فلا تنزل إلى بصره أو إلى غيره من أعضائه فتفسده، ثم لما كبر و لم يوافقه اللبن الخفيف و افتقر إلى الأغذية الغليظة المحتاجة إلى المضغ و الطحن أنبت له الأسنان عند الحاجة من دون تقديم و تأخير، و حنن عليه قلوب الوالدين بالقيام على تربيته و تكفل حاله ما دام عاجزا عن تدبير نفسه.

ثم رزقه الإدراك و الفهم و القدرة و العقل على التدريج حتى بلغ ما بلغ و أودع في نفسه المجردة و قواها الباطنة أسرارا عجيبة تحير طوامح العقول و تدهش منها ثواقب الأنظار و الفهوم. فانظر إلى قوة الخيال بعرضيتها الغير المنقسمة كيف تطوى السماء و الأرض و تتحرك من المغرب إلى المشرق في آن واحد، و إلى قوة الوهم كيف تستنبط كثرة المعاني الجزئية في لحظة واحدة، و تأخذها من حواق الأشياء، و إلى المتخيلة كيف تركب بعضها بالبعض و تأخذ منها ما فيه الصلاح و الرشاد في أمر المعاش و المعاد.

ثم انظر في عجائب النفس و عالمها: من إحاطتها بالبدن كله و تدبيرها له، مع تنزهها عن صقع المكان و اتصافها بالعلم و القدرة و سائر الصفات الكمالية، و تمكنها من الإحاطة على حقائق الأشياء بأسرها، و تصرفها في الملك و الملكوت بقوتها العقلية و العملية و مع ذلك عاجزة عن معرفة ذاتها و حقيقتها، و من تطوراتها في الأطوار المختلفة، و تقلبها في النشآت المتباينة، و ترقياتها بحسب درجاتها و مقاماتها، من لدن تعلقها بالنطفة القذرة إلى صيرورتها عالما ربانيا محيطا بحقائق الأشياء متصلا بالملكوت الأعلى، و من اجتماع

نام کتاب : جامع السعادات نویسنده : الشيخ مهدي بن أبي ذر النراقي    جلد : 1  صفحه : 223
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست