أنوار الإحساسات و القدرة و الإرادات و سائر ما يجمعها معنى الحياة.
ثم انظر-يا حبيبي-إن كنت من أهل اليقظة في (اليدين) و حكمتهما، حيث طولهما لتمتدا إلى المقاصد، و عرّض الكف و وضع عليها الأصابع الخمس، و قسم كل إصبع بثلاث أنامل، و جعل الإبهام في جانب، و البواقي في جانب، ليدور عليها، و لو اجتمع الأولون و الآخرون على أن يستنبطوا بدقيق الفكر وجها آخر في وضع الأصابع سوى ما وضعت عليه من بعد الإبهام من الأربع و ترتبها في صف واحد و تفاوتها في الطول و القصر، على أن يكون هذا الوجه أزين و أصلح منه أو مثله و شبهه في الزينة و المصلحة لم يقدروا عليه، إذ بهذا الترتيب صلحت للقبض و الإعطاء، فإن بسطتها كانت لك طبقا تضيع عليها ما تريد، و إن جمعتها كانت لك آلة للضرب، و إن نشرتها ثم ضممتها كانت آلة للقبض، و إن ضممتها ضما غير تام كانت لك مغرفة، و إن وضعت الإبهام على السبابة كانت لك مخرقة، و إن بسطت الكف مع اتصال الأصابع كانت لك مجرفة و إن بسطت الكف و جمعت عليها الأصابع كانت لك محرزة، إلى غير ذلك من المنافع.
ثم خلق (الأظفار) على رءوسها، زينة للأنامل و عمادا لها من ورائها، حتى لا تنفت، و ليلتقط بها الأشياء الدقيقة التي لا تتناولها الأنامل، و ليحك بها بدنه عند الحاجة، فالظفر الذي هو أخس الأعضاء لو عدمه الإنسان و حدثت به حكمة لكان أضعف الخلق و أعجزهم، ثم هدى (اليد) إلى موضع الحك حتى تمتد إليه و لو في حالة النوم و الغفلة، من غير حاجة إلى فحص و طلب، و لو استعان بغيره لم يعثر على موضع الحك.
ثم خلق (الرجلين) مركبتين من الفخذ و الساق و القدم، كل منها على شكل خاص و تركيب خاص، ليتحرك بهما الإنسان إلى أي موضع أراد، و لو