أعمال المتهورين، فيخوض في المخاوف و الأهوال، و يلقي نفسه في موارد الحذر و الأخطار. و صاحب البخل يكثر من بذل الأموال، بشرط أن يكف إذا قرب زوال الجبن و البخل لئلا يقع في التهور و الإسراف، و هذا بمنزلة المداواة بالسم. فإن لم ينفع ذلك لقوة استحكام المرض فليعذب النفس بأنواع التكاليف الشاقة و الرياضات المتعبة المضعفة للقوة الباعثة على هذه الرذيلة، و هذا بمثابة الكي و القطع، و هو آخر العلاج.
المعالجات الخاصة لمرض النفس
(تنبيه) لما عرفت المعالجة الكلية الشاملة لجميع الرذائل بأجناسها و أنواعها و أصنافها، فلنشتغل الآن ببيان معالجة كل من الرذائل بخصوصه.
و قد عددنا قبل ذلك ما يتعلق بالقوي الثلاث من الرذائل و أضدادها من الفضائل مما له اسم مشهور، فههنا نذكر معالجة كل رذيلة بخصوصها، و نذيله بذكر ما يضادها من الفضيلة، و ما ورد في مدحها عقلا و نقلا، لأن العلم بمعرفة كل فضيلة و حسنة أعون شيء على إزالة ما يضادها من الرذيلة. و ربما كانت جملة من الرذائل المختلفة في الاسم مشتركة في المعالجة، و ربما كان للرذائل أو الفضائل المتعددة ضد واحد منهما، فنحن نشير إلى ذلك، و نشير أيضا في تلو كل رذيلة و فضيلة إلى ما يتولد منهما من أفعال الجوارح مع معالجته-إن كان له ذلك-و نراعى الترتيب المذكور في مقام الإجمال: فنذكر أولا ما يتعلق بالقوة العاقلة من الجنسين و أنواعهما، ثم ما يتعلق بالقوة الغضبية، ثم ما يتعلق بالشهوية، ثم ما يتعلق بالثلاث و الاثنين منها، فهنا أربعة مقامات: