وإذ لم أجد في ضميري- واللَّه أعلم بي منّي- داعياً إلى هذا الجمع والتأليف سوى نشر علوم آل محمّد : تقرّباً إلى اللَّه وحبّاً لرسول اللَّه 6، أرجو أن يتشرّف بنظر الإمام المنتظر وليّ الأمر وصاحب العصر، عليه وعلى آبائه الكرام من الصلوات أفضلها، ومن التحيّات أكملها؛ ولذلك سمّيته ب «الذريعة إلى حافظ الشريعة»، وقبل أن أبتدأ بالمرام أختتم الكلام بدعاءٍ دعوتُ به في بعض مراثيهم ::
إلهي أنا الجيلي عبدُك مذعنا* * * بما كان منّي من ذميم فِعالي
ولكنّني راثي الحسين وناشرٌ* * * مدائحَ ساداتي بلحن مقالي
محبّة أولاد الرسول تعرّقت* * * ببالي فلا بالموت بعدُ ابالي
ولم أتّخذ دون الوصيّ وليجة* * * وهذا عطاءٌ منك قبل سؤالي
فلا تُبعدَنّي عنه حيّاً وميّتاً* * * وعمّم بهذا الفضل كلّ مُوالي [1]
ثمّ اعلم أنّي وجدت عبارات الخطبة أكثرها مقتبسة من الخطب والروايات المودَعة في هذا الكتاب بلا تفاوت، فرأيت أن أقتصر هاهنا على الإشارة إلى مآخذها، وأشرح كلّ مقتبسٍ عند شرح المقتبس منه، فأقول:
قال المصنّف:- طيّب اللَّه ثراه، وجعل الجنّة مثواه-:
بسم اللَّه الرحمن الرحيم، الحمدُ للَّهِ المحمودِ لنعمته، المعبودِ لقدرته، المُطاعِ في سلطانه، المرهوبِ لجلاله، المرغوبِ إليه فيما عنده، النافذِ أمرُه في جميع خَلْقِه.
يحتمل أن يكون الحمد هنا مصدراً كما هو أصله، والرفع للتوأم والثبات.
قال البيضاوي- وهو ممّن له قدم في الفنون الأدبيّة-:
هو من المصادر التي تُنصَب بأفعال مضمرة لاتكاد تُستعمل معها. والتعريف فيها للجنس، ومعناه الإشارة إلى ما يعرفه كلّ أحد أنّ الحمد ما هو؛ أو هو للاستغراق، إذ الحمد في الحقيقة كلّه له [2]. انتهى.
[1]. نقل العلّامة المجلسي ; في البحار أربع مراثي مبكية عن المصنّف، وهذه الأبيات قد جاءت في انتهاء المرثية الثالثة منها. بحار الأنوار، ج 45، ص 266- 274.