ثمّ ثلثّه 7 بالحكمة، فقال: (أما ترى الشمسَ والقمرَ) إلى آخره.
وسيجيء أنّ عبداللَّه الديصاني جاء إلى أبي عبداللَّه 7 وسأله أن يدلّه على معبوده، فقال 7: «ما اسمك؟» فخرج ولم يخبر باسمه، فقال له أصحابه: كيف لم تخبره باسمك؟ فقال: لو كنت قلت: عبداللَّه، كان يقول: من هذا الذي أنت له عبدٌ؟ [1]
قوله: (فَما يُدْريكَ ما تَحْتَها). [ح 1/ 215]
يعني لعلّ ما تنكره من الصانع المدبِّر في إحدى ما لم تبلغه من الجهات. وإنّما قال 7 ذلك ليخرجه عن الجهل المركّب إلى الجهل البسيط، فيصير قابلًا لإلقاء البرهان عليه؛ إذ قلب صاحب الجهل المركّب كالصفا اليابس والحجر الجامس في محلّ الزرع، يزلق عنه بذر الحكمة ولا يستقرّ فيه، فكيف يُعرق وينمو ويثمر؟
قوله: (وأنتَ جاحِدٌ بما فيهنّ). [ح 1/ 215]
أي بالصانع المدبّر الذي فيهنّ، ومثله في الرواية الآتية من قوله 7: «وكيف يكونُ قولُك وقولُهم واحداً وهم يقولون إنّ لهم مَعاداً وثواباً وعقاباً، ويَدينونَ بأنّ في السماء إلهاً وأنّها عمران، وأنتم تقولون: [2] إنّ السماء خرابٌ ليس فيها أحدٌ».
وكلمة «في» في هاتين العبارتين الشريفتين على نحو ما في كلام أمير المؤمنين 7 في رواية ذِعْلِب الآتية حيث قال: «في الأشياء كلّها غير متمازج بها ولا بائن منها». [3]
وفي بعض خطب نهج البلاغة: «داخلٌ في الأشياء لا كشيء داخل في شيء، وخارج عن الأشياء لا كشيء خارج عن شيء» [4] وإنّما لم يبيّن فيما نحن فيه أنّ كونه تعالى في السماء- مثلًا- ليس على ما يفهمه العامّة؛ لأنّ المقام كان مقام الإجمال.
قوله: (فأنْتَ مِنْ ذلك في شَكٍّ). [ح 1/ 215]
أي من وجود الصانع المدبِّر.
[1]. الكافي، ج 1، ص 79، باب حدوث العالم وإثبات المحدث، ح 4.