responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الذريعة إلى حافظ الشريعة نویسنده : رفيع الدين محمد الجيلاني    جلد : 1  صفحه : 181

أحدَهم عن حاجة لا قدر لها، فتذمّر وتسخّط إيثاراً للخسيس قدرُه على العظيم نفعُه، جميلًا محمودَ العاقبة، وقلّةَ معرفةٍ بعظيم العناء والمنفعة فيها.

تأمّل نزوله على الأرض والتدبيرَ في ذلك، فإنّه جعل ينحدر عليها من عَلُ ليغشى ما غلظ وارتفع منها ويرويَه، ولو كان إنّما يأتيها من بعض نواحيها لما علا على المواضع المشرفة منها، ويقلّ ما يزرع من الأرض.

ألا ترى أنّ الذي يزرع سيحاً [1] أقلُّ من ذلك، فالأمطار هي التي تطبق الأرض، وربما يزرع هذه البراري الواسعة وسفوحَ الجبال وذُراها، فتغلّ الغلّة الكثيرة، وبها يسقط عن الناس في كثير من البلدان مؤونةُ سياق الماء من موضع إلى موضع، وما يجري في ذلك بينهم من التشاجر والتظالم، حتّى يستأثر بالماء ذووا العزّة والقوّة، ويحرمه الضعفاء.

ثمّ إنّه حين قدر أن ينحدر على الأرض انحداراً جَعَلَ ذلك قطراً شبيهاً بالرشّ ليغور في قعر الأرض فيرويها، ولو كان يسكبه إسكاباً كان ينزل على وجه الأرض فلا يغور فيها، ثمّ كان يحطّم الزروع القائمة إذا اندفق عليها، فصار ينزل نزولًا رفيقاً، فينبت الحبّ المزروع، ويُحيي الأرض والزرع القائم.

وفي نزوله أيضاً مصالح اخرى: فإنّه يليّن الأبدان، ويجلو كدر الهواء، فيرتفع الوباء الحادث من ذلك، ويغسل ما يسقط من الشجر والزرع من الداء المسمّى اليرقان، إلى أشباه هذا من المنافع.

فإن قال قائل: أوليس قد يكون منه في بعض السنين الضرر العظيم الكثير لشدّة ما يقع منه، أو برد يكون فيه تحطّم الغلّات، وخثورة [2] يحدثها في الهواء، فيتولّد كثيراً من الأمراض في الأبدان والآفات في الغلّات؟

قيل: قد يكون ذلك الفرط لما فيه صلاح الإنسان، وكفُّه عن ركوب المعاصي‌


[1]. زراعة السيح هي الزراعة التي تحصل عن طريق الأنهار والمياه الجارية. راجع: لسان العرب، ج 2، ص 492 (سيح).

[2]. في المصدر: «بخورة».

نام کتاب : الذريعة إلى حافظ الشريعة نویسنده : رفيع الدين محمد الجيلاني    جلد : 1  صفحه : 181
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست