ثم إن النقطة الجديرة بالاهتمام في مجال التبليغ هي أن للتبليغ جانبين أحدهما: علاقة التبليغ بالنبي نفسه (المبلّغ) كوظيفة الهية كبرى يجب عليه القيام بها، و ذلك بإيصال الأحكام إلى الناس، و هذا هو حق طبيعي لا يحتاج إلى جعل منصب على نحو الابتداء و الاستقلال مضافا إلى مقام النبوة التي هي بمعنى رابطة الوحي.
و الجانب الآخر هو علاقة التبليغ بالناس بمعنى أن على الناس أن يقبلوا بكلام النبي، و هذا الجانب هو ولاية التبليغ التي يعتبر الناس كلام المبلغ بمقتضاها حجة، و التي فيها معنى جعل السلطة أيضا و نبحث عنها تحت عنوان «الولاية» لأن الإبلاغ الذي لا يكون حجة ملزمة، و لا يكون واجب التنفيذ يكون لغوا و غير مفيد.
و النتيجة: هي أن ولاية التبليغ بمعني حجية كلام الرسل الالهيين و ثبوت ذلك ليس محل شك أو ترديد أبدا، لأن جعل منصب النبوة أو الإمامة ملازم لجعل حجية قولهم و فعلهم.
و قد أشير إلى جعل كلا المنصبين في آيات عديدة من القرآن الكريم أيضا، و من ذلك قوله- تعالى-: آتٰانِيَ الْكِتٰابَ وَ جَعَلَنِي نَبِيًّا[1].
و قوله- تعالى- لإبراهيم 7: إِنِّي جٰاعِلُكَ لِلنّٰاسِ إِمٰاماً[2].