قٰالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتٰابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ [1].
و نحن نعلم أن المسافة بين مكان النبي سليمان 7 و عرش بلقيس كانت فراسخ كثيرة، فكيف قال آصف: أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك و قد أتى به فعلا؟
إن هذه هي الولاية التكوينية، أي: التصرف في عالم الوجود و خرق العادة، كما يفعل اللّه- سبحانه-.
نعم ثمت آيات اخرى في القرآن الكريم تدلّ على أن معاجز الأنبياء و الرسل كانت من أفعال اللّه لا من أفعال الأنبياء أنفسهم و ذلك.
مثل قوله- تعالى-: قُلْنٰا يٰا نٰارُ كُونِي بَرْداً وَ سَلٰاماً عَلىٰ إِبْرٰاهِيمَ [2].
و مثل قوله- تعالى-: وَ آتَيْنٰا ثَمُودَ النّٰاقَةَ [3].
و مثل قوله- تعالى-: وَ أَلَنّٰا لَهُ الْحَدِيدَ [4].
و مثل قوله- تعالى-: قٰالَ أَلْقِهٰا يٰا مُوسىٰ* فَأَلْقٰاهٰا فَإِذٰا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعىٰ* قٰالَ خُذْهٰا وَ لٰا تَخَفْ سَنُعِيدُهٰا سِيرَتَهَا الْأُولىٰ [5].
و يستفاد من هذه الآية أن إعادة الحية عصى هي فعل اللّه- سبحانه- لا فعل موسى 7.
و لكن هذه الآيات لا تنافي آيات الطائفة الأولى أبدا لأن إثبات «الولاية التكوينية» للرسل و الأنبياء لا تنافي الولاية التكوينية الالهية، إذ نتيجة هذا هي
[1] سورة النمل: 40.
[2] سورة الأنبياء: 49.
[3] سورة الاسراء: 59.
[4] سورة سبأ: 10.
[5] سورة طه: 19- 21.