فعلى هذا تكون «الولاية التكوينية» من مراحل الكمال الروحي و الوجودي الذي يكون أثره: «السلطة على عالم الوجود و الكون».
بينما تكون الولاية التشريعية منصبا جعليا أثره و ثمرته «السلطة على الأمور الشرعية و الاجتماعية للمسلمين».
و لنبدأ بالكلام حول الولاية التكوينية.
إن الولاية التكوينية التي هي عبارة عن السلطة على التكوينيات (أي عالم الوجود) تكون من الأمور الباطنية و الصفات النفسانية و النعم و المواهب الربانية التي يقدر معها صاحبها على التصرف في عالم الوجود، و هذه الصفة التي لها مراتب من حيث القوة و الضعف، ناشئة من مدى القرب و البعد من الوليّ المطلق- صاحب الولاية المطلقة- أي خالق الكون و رب العالمين، تعطى فردا من أفراد الإنسان، و هذه الولاية من الصفات الالهية الموهوبة و ليست من المناصب المعطاة و هي أعلى صفة يمتلكها انسان إذ بها ولاية النبي حيث يستطيع أن يتصرف في الكون كما يفعل اللّه- تعالى- و يكون الكون مسخرا له، طائعا بين يديه، ممتثلا لأوامره بإذن اللّه و اقداره.
و لقد ثبت وجود مثل هذا المقام لأنبياء اللّه و رسله الكرام- بضرورة الدين و صريح القرآن الكريم- بنحو لا يحتمل الشك، و الترديد، كما ثبت للأئمة من أهل البيت، و كذا لفاطمة الزهراء- (صلوات اللّه عليهم اجمعين)- حسبما تؤكده اخبار الشيعة و معتقداتهم.
على أن البحث في «الولاية التكوينية» يرتبط بالكتب العرفانية و الفلسفية، و هو خارج عن إطار مرادنا هنا، و لكننا مع ذلك نتحدث به حديثا ما.
لقد وردت في الكتاب العزيز آيات كثيرة تدل على ثبوت «الولاية التكوينية» لأنبياء اللّه و رسله، و تصرح بجلاء بأنهم كانوا يتصرفون في عالم