الأولى:- و هي أصحّها من باب الحجّية- الاستقراء: و هي أقوى الطرق حجّة، فإنّ من تتبّع موارد استعمال صيغة الأمر ظهر له أنّها ظاهرة في الوجوب، و طريقية ذلك للشخص نفسه، و للإثبات لغيره، فهي ثبوتية، و إثباتية.
و يختلف مقدار الاستقراء ثبوتا و إثباتا كما لا يخفى، فقد يكون مقدار من الاستقراء موجبا للاطمئنان بموافقة من لم يستقرءوا عند المستقري دون المنقول إليه، أو بالعكس، أو عندهما جميعا أو لا عندهما جميعا.
إيرادات و أجوبة
و يورد على الاستقراء ما يلي:
أوّلا: بالإيراد العام على كلّ استقراء، و هو: إنّ تامّه غير محقّق، و ناقصه غير مفيد.
إن قلت: الناقص قد يفيد الاطمئنان.
قلت: فالتعويل على ذلك الاطمئنان دون الاستقراء، مضافا إلى أنه لا ينفع إلّا المطمئن نفسه، فلا يصحّ جعله دليلا.
و ثانيا: مسألة الظهور ليست مسألة واحدة، و إنّما هي مئات المسائل، و كيف يمكن تحصيل ارتكاز الجميع فيه؟
فالاستقراء و إن كان نافعا في غير مورد، لكنّه في الظواهر غير نافع غالبا.
أقول أوّلا: لا فرق في حجّية الاستقراء- عند العقلاء- بين موارده، فإن كان حجّة في مورد ما، كان في الظواهر حجّة أيضا، و إن لم يكن حجّة في الظواهر، لم يكن حجّة في غيرها، لعدم الخصوصية للظواهر.