جميع موارده، قال (قدس سره) في كلام له [1] : (لا دليل على حجية مطلق الاطمئنان خصوصاً في الموضوعات، وبناء العقلاء على العمل به على فرض تماميته مردوعة بعموم اعتبار البينة في الموضوعات وظهور دليلها في حصرها إلا ما خرج بالدليل من سيرة أو غيرها، كما لا يخفى على من لاحظ ذيل رواية مسعدة بن صدقة).
أقول: أما التشكيك في قيام السيرة العقلائية على العمل بالاطمئنان والاعتماد عليه في مختلف المجالات فهو في غير محله جداً، فإن من تتبع الطريقة التي يجري عليها العقلاء في أمور دينهم ودنياهم لا يكاد يشك في أن معظم اعتمادهم فيها على الاطمئنان الناشئ من المبادئ الصالحة لذلك، وأما القطع ــ الذي ينافيه احتمال الخلاف مهما كان ضئيلاً ولو كان بنسبة واحد من ألف ــ فهو قلّ ما يحصل في غير المتواترات وأمثالها إلا للمتسرعين.
وأما دعوى ثبوت الردع عن السيرة العقلائية على العمل بالاطمئنان في الموضوعات من جهة ظهور بعض أدلة حجية البينة ــ كذيل رواية مسعدة بن صدقة ــ في انحصار الحجة فيها في البينة فيردها ..
أولاً: بأنه لا دلالة في شيء منها على الحصر المدعى في مقابل الاطمئنان، حتى رواية مسعدة بن صدقة [2] فإن المذكور فيها هكذا: ((كل شيء هو لك حلال حتى تعلم أنه حرام بعينه فتدعه من قبل نفسك، وذلك مثل الثوب يكون قد اشتريته وهو سرقة، أو المملوك عندك ولعله حر قد باع نفسه أو خدع فبيع أو قهر، أو امرأة تحتك وهي أختك أو رضيعتك، والأشياء كلها على هذا حتى يستبين لك غير ذلك أو تقوم به البينة)) .
ومن الواضح أن الاستبانة المذكورة في ذيل الرواية لا تختص عرفاً بمورد حصول القطع والجزم بل تصدق حتى في مورد الاطمئنان، فكيف يستفاد من هذه الرواية الردع عن حجيته في الموضوعات؟!