(الأمر الأول)
المعنى الأصلي للحج في اللغة والمعنى المستجد له في الشرع
إن الذي يظهر من كلمات معظم اللغويين أن الحج في الأصل إنما هو بمعنى القصد مطلقاً، فيقال: حج فلان فلاناً إذا قصده، وقد نص على ذلك ابن دريد [1] وقال: (أصل الحج القصد)، وذكره ابن فارس [2] أيضاً قائلاً: (الحاء والجيم أصول أربعة، فالأول: القصد وكل قصد حج... ثم اختص بهذا الاسم القصد إلى البيت الحرام للنسك)، وقال الجوهري [3] : (الحج: القصد، ورجل محجوج أي مقصود)، وقال الفيروزآبادي [4] : (الحج: القصد) وقال الزبيدي [5] : (الحج القصد مطلقاً).
ولكن في مقابل ذلك ذكر جمع من اللغويين أن المعنى الأصلي للحج ليس بهذه السعة، بل هو نوع خاص من القصد. واختلفوا في الخصوصية المعتبرة فيه على وجوه ..
الوجه الأول: أن يتكرر القصد [6] ، حكى الجوهري عن ابن السكيت أنه قال في شرح قول المخبل السعدي:
وأشهد من عوف حُلولاً كثيرة * * * يحجون سب الزبرقان المزعفرا
(يقول يكثرون الاختلاف إليه، هذا الأصل، ثم تعورف استعماله في القصد إلى مكة للنسك)، وذكر الأزهري [7] : (عن بعضهم حججت فلاناً إذا أتيته مرة بعد مرة، فقيل: حج البيت، لأن الناس يأتونه كل سنة).