حججت معه سنة فلمّا استوت به راحلته عند الاحرام كان كلّما همّ بالتلبية انقطع الصوت في حلقه، و كاد أن يخرّ عن راحلته، فقلت: يا بن رسول اللّه 6 و لا بدّ لك من أن تقول، فقال: يا بن عامر كيف أجسر أن أقول لبّيك اللّهمّ لبّيك، و أخشى أن يقول عزّ و جل: لا لبّيك و لا سعديك.
و ابن شهر اشوب [1] في كتابه المناقب في أحوال الصادق 7 يروي عن مالك بن أنس أيضا قوله: ما رأت عين و لا سمعت اذن و لا خطر على قلب بشر أفضل من جعفر الصادق فضلا و علما و عبادة و ورعا، و زاد الصدوق في أماليه في ال 81 قوله: كان و اللّه إذا قال صدق.
و قال أيضا: و ذكر أبو القاسم البغار في مسند أبي حنيفة [2] قال الحسن بن زياد: سمعت أبا حنيفة و قد سئل: من أفقه من رأيت؟ قال: جعفر بن محمّد، لمّا أقدمه المنصور بعث إليّ فقال: يا أبا حنيفة إن الناس قد فتنوا بجعفر بن محمّد فهيّئ له مسائلك الشداد، فهيّأت له أربعين مسألة، ثم بعث إليّ أبو جعفر و هو في الحيرة فأتيته فسلّمت عليه، فأورد إليّ المجلس فجلست ثم التفت إليه فقال: يا أبا عبد اللّه هذا أبو حنيفة، قال: نعم أعرفه، ثمّ التفت إليّ فقال:
الق على أبي عبد اللّه من مسائلك، فجعلت القي عليه فيجيبني فيقول: أنتم تقولون كذا، و أهل المدينة يقولون كذا، و نحن نقول كذا، فربما تابعناكم، و ربما تابعناهم، و ربما خالفنا جميعا، حتّى أتيت على الأربعين مسألة، فما أخلّ منها
[1] محمّد بن علي المازندراني رشيد الدين من مشايخ الطائفة و فقهائها و كان شاعرا بليغا منشأ و له مصنّفات عديدة منها: معالم العلماء، و كتاب أنساب آل أبي طالب، و كتاب مناقب آل أبي طالب، و هو الذي أشرنا إليه في الأصل، و كثيرا ما نروي عنه في هذا الكتاب.
[2] النعمان بن ثابت ثاني المذاهب لأهل السنّة و هو أيضا ممّن أخذ عن الصادق 7، و النسبة إليه حنفي، و سيأتي الكلام عليه في أصحاب الصادق 7.