فمن ثمّ لا يصحّ لدينا من تلك الفرق التي نسبت إلى المرجئة إلّا الجهميّة أصحاب جهم بن صفوان لصراحة اعتقادهم بما ذكرناه عنهم و لإجماع المؤلّفين.
كما أنه قد رووا في لعن المرجئة عن النبي 6 ما نحن براء من تبعته مثل قوله: لعنت المرجئة على لسان سبعين نبيّا، قيل: من المرجئة يا رسول اللّه؟ قال: الذين يقولون: الايمان كلام [1].
و الخلاصة: أن المرجئة كانت و لا شكّ في ذلك العهد، كما أنها كانت و هي ذات فرق، و يجمعها في الاعتقاد ما ذكرناه من كفاية القول في الايمان و إن لم يكن عمل يطابق ذلك الاعتقاد، بل حتّى لو كان العمل على نقيض ذلك القول، و لسنا في حاجة إلى الغور في تشعّباتها و خصوصيّات ما اعتقدته تلك الشعب لجواز ألّا نصيب شاكلة الهدف، و نحن في فسحة من الوقوع في أمثال هذه المزالق، نسأله تعالى العصمة من الخطأ، و الأمان من العثار.
2- المعتزلة:
لا نشكّ في أن الاعتزال وليد عصر الصادق 7، و في ذلك العصر نشأ و شبّ، و ذلك حين اعتزل عمرو بن عبيد و واصل بن عطاء و غيرهما حوزة الحسن البصري فنبذوهم بهذا اللقب، و ما قيل من أنه وليد عصر أمير المؤمنين 7 حينما اعتزل سعد بن أبي وقاص و ابن عمر و أسامة بن زيد حروب أمير المؤمنين فلا وجه له، لأن ذلك الاعتزال لم يكن اعتزالا مذهبيّا على أساس في الرأي أو شبهة في الدين، و ما كان إلّا انحرافا عن أمير المؤمنين 7 و لذا لم يكن اسم الاعتزال معروفا في ذلك العهد، و لا سمّي هؤلاء بالمعتزلة في ذلك