و من بين الذين مالوا إلى ذلك أيضا بعض فقهاء الإمامية كالعلامة الحلي في التحرير [2]، و في القواعد في بعض الصور التي أوردها عن تزاحم الحقوق [3]، و كالشهيد في اللمعة [4] و في الدروس [5] و غيرهم.
كذلك جاء مثله عن بعض الأحناف المتأخرين من أصحاب الفتاوى الذين استحسنوا وضع القيود على تصرفات المالك [6] و ذلك تبعا لما ذهب إليه أبو يوسف في الموضوع حسبما يستفاد من بعض كلماته [7]، و بهذا الرأي أخذت مجلة الأحكام العدلية في مادتيها 1197، 1198.
نظرية التعسف في استعمال الحق:
و لعله من أجل كل تلك القيود و نحوها مال الكثير من الباحثين المعاصرين إلى جعل «نظرية التعسف في استعمال الحق» نظرية إسلامية قبل أن تكون نظرية وضعية. فإن ما جاءت به الشريعة الإسلامية من قواعد و أحكام تحد من تصرفات المالك في ملكه و تمنعه من استعمال البعض من حقوقه، كالأحكام المتعلقة بالمصالح العامة، و المتعلقة بالتزامات الجوار، و الشفعة، و حقوق الارتفاق، و منع الاحتكار، و التسعير، و كالقواعد المعروفة
[3]. قواعد الأحكام: 67- 68 (كتاب الصلح). إن من بين صور تزاحم الحقوق هذه: هي أغصان الشجرة و عروقها الممتدة إلى ملك الغير، و ما يطلق عليه بالرواشن الممتدة إلى الطرق و الشوارع العامة، و الحائط أو السقف المشترك و نحوها (انظر: مغنية في فقه الإمام الصادق 4/ 97- 99).
[5]. حيث أجاز للأشخاص مثلا: الاستظلال و الاستناد على الجدار المملوك- إذا كان المجلس مباحا- و هو من باب منع التعسف في استعمال الحق (انظر الدروس في باب تزاحم الحقوق- 383).
[6]. أبو زهرة في الملكية و نظرية العقد في الشريعة- 106.
[7]. انظر: الناهي في حق الملكية في ذاته- 119 (الهامش) و على حيدر في شرح المجلة- 1/ 111.
نام کتاب : إحياء الأراضي الموات نویسنده : محمود المظفر جلد : 1 صفحه : 47