نام کتاب : إحياء الأراضي الموات نویسنده : محمود المظفر جلد : 1 صفحه : 225
كان يضر أحدا منع من ذلك» ثم ضرب أبو يوسف مثلا ببعض الجزائر من نهر دجلة الموجودة في وقته، فمنع من إحيائها بناء على حصول الضرر من ذلك على المصلحة العامة، حتى إن الدولة المتمثلة بالإمام لا يسعها أن تقطع- و هي صاحبة الحق الأول في الموات- شيئا من ذلك.
و هذا الرأي- كما نلاحظه- لا يختلف في شيء عن رأي الحنابلة المذكور، كما أن هذا الحكم لا يختلف في أي مجال آخر من هذا القبيل، لأن الأدلة الضررية العامة هي حاكمة- كما يقول الأصوليون- على الأدلة الأخرى.
هذا و لا نجد بعد هذه المناقشة لهذه الأدلة القائلة بالمنع من إحياء الجزائر ما ينهض على الأخذ بها و تبنيها، و بالتالى إعطاء الجزائر إذا كانت مواتا حكما يختلف عن حكم سائر الأراضي الموات، إذ لا أجد من فرق- بناء على أدلة الإحياء العامة- بينها و بين سائر هذه الأراضي في جواز الإحياء مشروطا بالإذن من الدولة.
نعم إذا كانت هذه الأراضي- كما هو الغالب فيها- حية أو عامرة بطبيعتها من حيث اتصالها بمورد الإرواء و نحوه و عدم حاجتها إلى العمل لجعلها صالحة للإنتاج. فحينئذ لا مورد أو لا مجال للبحث في حكم إحيائها لأنه يكون حينئذ من باب تحصيل الحاصل، و لذلك لا بد أن تعود من ناحية حق الأفراد و غيرهم بالتصرف فيها: إلى حكم الأراضي العامرة بطبيعتها و أصلها.
كذلك ينتفي البحث في حكم إحياء هذه الجزائر فيما إذا تعلق بها حق أو نفع عام، كما لو أنشىء عليها مثلا مرفا أو ميناء عام، و ذلك لدخولها عندئذ في حكم تلك الأراضي و المنشآت التي تتصف بصفة المنفعة العامة، و التي يحظر فيها التصرف- كما هو واضح- على الأفراد بأي نوع من أنواع التصرفات الناقلة أو الفعلية.
نام کتاب : إحياء الأراضي الموات نویسنده : محمود المظفر جلد : 1 صفحه : 225